للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعل وجهه إلى الغرب، فانكشفت الرّمال، ورجعت بها الرّياح إلى ورائها وصارت تلالا عالية (١).

وبعث بهرمس الحكيم إلى جبل القمر الذي يخرج منه النّيل، فعمل تماثيل النّحاس، وعدل جانبي النّيل - وكان قبله يفيض في مواضع ويتقطّع في مواضع - وسار مغرّبا لينظر ما وراء ذلك، فوقع على أرض واسعة ينخرق فيها الماء والأشجار، فبنى فيها متنزّهات وأقام بها وحوّل إليها عدّة من أهله، فعمّروا تلك النّواحي حتى صارت أرض الغرب كلّها معمورة. ثم خالطتهم البربر، وجرت بينهم حروب كثير أفنتهم، فخربت تلك البلاد ولم يبق منها إلاّ الواحات (٢).

ثم إنّ البودسير احتجب عن الناس، وصار يبرز وجهه من مقعده في النّادر، وربّما خاطبهم من حيث لا يرونه (٣).

وذكر أبو الحسن المسعودي في كتاب «أخبار الزّمان» أنّ أوّل من تحقّق بالكهانة وغيّر الدين وعبد الكواكب: البودسير. وتزعم القبط أنّ الكواكب كانت تخاطبه، وأنّ له عجائب كثيرة، منها أنّه استتر عن الناس عدّة سنين من ملكه، وكان يظهر لهم وقتا بعد وقت مرّة في كلّ سنة، وهو وقت (a) حلول الشّمس برج الحمل، ويدخل الناس إليه فيخاطبهم وهم يرونه، فيأمرهم وينهاهم ويحذّرهم مخالفة أمره، (b)) وكان يجلس في بعض أوقات السّنة فيخاطبهم من حيث لا يرونه (b) ثم بنيت له قبّة من فضة مطلية بذهب، فصار يجلس في أعلاها وله وجه عظيم، فيخاطبهم. (b)) وكان يجلس في السّحاب بوجه آخر في صورة إنسان فأقام كذلك مدّة ثم غاب عنهم فلم يروه، وأقاموا برهة بغير ملك، ثم رأوا صورته في هيكل الشّمس عند حلولها برج الحمل فأمرهم أن يقلّدوا الملك عديم بن قفطيم وأعلمهم بأنّه لا يعود إليهم ففعلوا ذلك (b).

فلمّا مات ملك بعده ابنه أرفليمون، وكان كاهنا ساحرا، فعمل أعمالا عجيبة (c)، منها أنّه كان يجلس في السّحاب فيرونه في صورة إنسان عظيم، وأقام مدّة على ذلك.


(a) ساقطة من بولاق.
(b-b)) ساقطة من بولاق.
(c) بولاق: عظيمة.
(١) النويري: نهاية الأرب ٤٩: ١٥ - ٥١.
(٢) نفسه ٤٩: ١٥.
(٣) نفسه ٥١: ١٥.