أربعة أولاد هم: قفطريم وأشمون وأتريب وصا، فتناسلوا وكثروا وعمّروا البلاد.
ثم إنّه قسم الأرض بين أولاده الأربعة عند وفاته: فجعل لولده قفطريم من أسوان إلى قفط، وجعل لولده أشمون من مدينة قفط إلى مدينة منف، وجعل لولده أتريب الحوف (a) كلّه، وجعل لولده صا من ناحية البحيرة إلى الغرب. وجعل أمرهم إلى قفطريم وأمر كلّ واحد منهم أن يبني لنفسه مدينة في حيّزه (١).
وجعل لنفسه سربا تحت الجبل الكبير وصفّحه بالمرمر، وعمل فيه منافذ للريح، فصارت تنخرق فيه بدويّ عظيم، وأقام في السّرب رؤوسا من نحاس مطلية تضيء كالسّرج ليلا ونهارا.
ولمّا مات وضع جسده بهذا السّرب في جرن من ذهب، بعدما ألبس ثيابا منسوجة بالدرّ والمرجان، وأقيم عند رأسه عمود من مرمر عليه جوهرة تضيء، وعمل حول الجرن توابيت من حجارة ملوّنة حولها مصاحف الحكمة، وعملت (b) عنده أمواله وكنوزه وذخائره، وزبروا عليه كما زبروا على أبيه. وانتقل كلّ من أولاده إلى حيّزه، فانتقل صا بأهله وأولاده وسكن مدينة صا الآتي ذكرها (٢).
ويقال كانت البلبلة في أيام قبط (c)، وأنّه ألهمه اللّه تعالى اللّغة القبطيّة، وأنّه أقام ملكا أربع مائة وثمانين سنة ومات، فدفن بأرض الواحات.
وملك بعده أخوه أشمن بن مصر (٣). وقيل بل أسكن في حياته ابنه قفطريم في حيّزه، فشرع في العمارة، وكان جبّارا عظيم الخلقة، فأثار من المعادن ما لم يثره أحد قبله، وبنى مدينة دندرة، وعمل في جبل قفط منارا عاليا يرى منه البحر الشّرقي، ووجد هناك معادن من الزّئبق، وعمل البركة التي سمّاها صيّادة الطّير (٤).
وأقام ملكا أربع مائة وثمانين سنة ومات (٥). وهلك عاد بالرّيح في آخر أيّامه؛ وفي أيّامه أثارت الشّياطين الأصنام التي أغرقها الطّوفان فعبدت.
(a) بولاق: الجرف. (b) بولاق: وضعت. (c) بولاق: قفط. (١) انظر فيما تقدم ٤٩ وفيما يلي ٥١٤. (٢) النويري: نهاية الأرب ٤٦: ١٥ وفيما يلي ٥١٤. (٣) نفسه ٤٦: ١٥. (٤) فيما يلي ٦٣٣. (٥) النويري: نهاية الأرب ٤٦: ٥ - ٤٨ بتصرف.