للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آنية من ذهب، وعدّة سبائك من فضّة (١). وعمل عليه طلّسم مانع من الوصول إليه، وزبروا عليه:

«مات مصرايم بن بيصر بن حام بن نوح بعد ألفين وستّ مائة عام - وقيل بعد سبع مائة سنة - مضت من الطّوفان، ولم يعبد الأصنام، فصار إلى جنّة لا هرم فيها ولا سقم، ولا همّ ولا حزن. وكتب اسم اللّه الأعظم عليه حتى لا يصل إليه أحد إلاّ ملك يأتي في آخر الزمان، يدين بدين الملك الدّيّان، ويؤمن بالبعث والفرقان، والنّبيّ الدّاعي إلى الإيمان في آخر الزمان».

وسقّفوا فوق السّرب بالصّخور العظام، وهالوا عليه الرّمال حتى سدّوا بين جبلين متقابلين.

ويقال كان مصر بن بيصر مع جدّ أبيه نوح في السّفينة، فدعا له أن يسكنه اللّه الأرض الطّيّبة المباركة التي هي أمّ البلاد وغوث العباد ونهرها أفضل الأنهار، ويجعل له فيها أفضل البركات، ويسخّر له الأرض ولولده ويذلّلها ويقوّيهم عليها، فسأله عنها فوصفها له وأخبره بها (٢).

وكان بيصر بن حام قد كبر وضعف، فساقه ولده مصرايم وجميع إخوته إلى مصر فنزلوها، وبذلك سمّيت مصر (٣).

وملك بعده ابنه قبطيم، وهو أوّل من عمل العجائب بعد الطّوفان، فاستخرج المعادن، وشقّ الأنهار، ونصب الأعلام والمنارات، وعمل الطّلّسمات (٤).

ويقال إنّ مصرايم لمّا مات اختلف أولاده من بعده، وكان قبط (a) أصغرهم، فاجتمعوا عند الأهرام ورضوا بأنّ من غلب منهم أخاه أخذ الملك. فتحارب أشموم وأتريب فغلب أتريب، ثم تحارب صا هو وأشموم فغلب أشموم، ثم تحارب قبط (a) وصا فغلب قبط (a). فأخذ قبط (a) الملك بعد أبيه، وأطاعه إخوته، وسكن مدينة منف دار مملكة أبيه، وتزوّج امرأة ولدت له


(a) بولاق: قفط.
(١) النويري: نهاية الأرب ٤٤: ١٥ - ٤٥.
(٢) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٨.
(٣) نفسه ٩.
(٤) النويري: نهاية الأرب ٤٦: ١٥.