للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وولدت منه ولدا سمّاه مصرايم (١).

فلمّا مات بيصر دفن في موضع دير أبي هرميس، ويقال دير أبي هرميس غربي الأهرام (٢)، ويقال إنّها أوّل مقبرة دفن بها بأرض مصر. وكان موته بعد ألف وثمان مائة وستّ سنين مضت من وقت الطّوفان (٣).

وقال غيره: ثم بنى مصرايم مدينة سمّاها باسمه، فجاءه رجل من بني يافث فعمل له سورا قائما، وصنع له درجا، وأجرى الماء إلى أن بقي يصعد إلى أعلى السّور بحكمة أتقنها، ثم ينزل ذلك الماء من أعلى السّور إلى المدينة فينتفع به فيها بغير مشقّة ولا كلفة، ثم يخرج من ناحية أخرى؛ وكتب على السّور: هذه صنعة من يموت لا صنعة من يدوم.

وملك بعد بيصر ابنه مصرايم بن بيصر، فأظهره فليمون الكاهن على كنوز مصر وعلّمه قراءة خطّهم، وأطلعه على حكمهم. وبنى مصرايم المدن، وشقّ الأنهار، وغرس الأشجار، وبنى مدينة عظيمة سمّاها درسان، وهي العريش، ونكح امرأة من أولاد الكهنة فولدت له ولدا (a) سمّاه قفطيم، وبنى مدينة رقودة مكان الإسكندرية (٤).

ولمّا مات مصرايم جعل له سرب طوله مائة وخمسون ذراعا وبسط بالمرمر الأبيض، وعمل في وسطه مجلس مصفّح بصفائح الذّهب، وله أربعة أبواب على كلّ باب تمثال من ذهب على رأسه تاج من ذهب، وهو جالس على كرسي من ذهب قوائمه من زبرجد، ونقش في صدر كلّ تمثال آيات مانعة. وحبسوا جسده في جسد من زبرجد أخضر، شبه تابوت، طوله أربعون ذراعا، دفن فيه ومعه جميع ما كان في خزائنه من ذهب وفضّة وجوهر/، منها ألف قطعة من زبرجد مخروط، وألف تمثال من جوهر نفيس، وألف برنيّة من ذهب مملوءة درّا نفيسا، وألف


(a) بولاق: ابنا.
(١) النويري: نهاية الأرب ٤٣: ١٥، ٤٤.
(٢) دير أبي هرميس هو الموضع المعروف الآن بسقّارة (انظر فيما تقدم ٣١٧).
(٣) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٨؛ وفيما تقدم ٥٤.
(٤) النويري: نهاية الأرب ٤٥: ١٥ - ٤٦، وفيما يلي ٥٧٣.