وعمل قبّة (a) طولها خمسون ذراعا في عرض مائة ذراع، وركّب في جوانبها طيورا من صفر تصفّر بأصوات مطربة مختلفة لا تفتر ساعة. وعمل في وسط مدينة أمسوس منارا عليه رأس إنسان من صفر، كلّما مضى من النّهار أو اللّيل ساعة صاح صيحة يعلم من سمعها بمضيّ ساعة.
وعمل منارا عليه قبّة من صفر مذهّب ولطّخها بلطوخات، فإذا غربت الشّمس (b)) في كلّ ليلة (b) اشتعلت القبّة نورا تضيء له مدينة أمسوس طول اللّيل حتى يصير مثل النّهار، لا تطفئها الرّياح ولا الأمطار، فإذا طلع النّهار خمد ضوءها.
وأهدى لبعض ملوك بابل مدهنا من زبرجد قطره خمسة أشبار، ويقال إنّه وجد بعد الطّوفان.
وعمل في الجبل الشّرقي صنما عظيما قائما على قاعدة، وهو مصبوغ مصفّر بالذّهب، ووجهه إلى الشّمس يدور معها حتى تغرب، ثم يدور ليلا حتى يحاذي المشرق مع الفجر، فإذا أشرقت الشّمس استقبلها بوجهه.
وبنى بصحراء الغرب مدنا كثيرة، وأودعها كنوزا عظيمة، ونكح ثلاث مائة امرأة، ولم يولد له ولد، فإنّ اللّه تعالى كان قد أعقم الأرحام لما يريد من إهلاك العالم بالطّوفان، ووقع الموت في النّاس والبهائم (١).
ولمّا مات وضع في ناووس بالجبل الشّرقي ومعه أمواله، وطلّسم عليه.
وكان له ابن عمّ يسمّى فرعان، وكان جبّارا، فأبعده وجعله على جيش سار به عنه، فقهر ملوكا وقتل أمما عظيمة، وغنم أموالا كثيرة وعاد، فشغفت به امرأة من نساء الملك، وما زالت به حتى اجتمع بها وتآلفا وأقاما على ذلك مدّة، فخافا الملك أن يفطن بهما، فعملت المرأة لأرمالينوس سمّا في شرابه هلك منه (٢).
وملك بعده ابن عمّه فرعان بن مسور، فلم ينازعه أحد لشجاعته وسياسته، ولم تطل أعوامه حتى رأى فليمون الكاهن كأنّ طيورا بيضا قد نزلت من السّماء وهي تقول:«من أراد النّجاة فليلحق بصاحب السّفينة».
(a) النويري: فوارة. (b-b)) ساقط من الأصل. (١) النويري: نهاية الأرب ٣٥: ١٥ - ٣٦. (٢) نفسه ٣٨: ١٥ - ٣٩.