للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا وضعت الزّانية يدها عليها ارتعدت حتى تتوب. ولم تزل هذه الصّورة إلى أن أزالها الطّوفان، وفي كتب القبط أنّها وجدت بعد الطّوفان، وأنّ أكثر الناس عبدوها (١).

وعمل سوريد صنما من أخلاط كثيرة، فكان من أصابته علّة في موضع من جسده غسل ذلك الموضع من الصّنم بماء وشرب الماء فإنّه يبرأ.

وسوريد هذا هو الذي بنى الهرمين العظيمين بمصر المنسوبين إلى شدّاد بن عاد، والقبط تنكر أن تكون العاديّة دخلت بلادهم لقوّة سحرهم (٢). ولمّا مات سوريد دفن في الهرم ومعه كنوزه؛ ويقال إنّه كان قبل الطّوفان بثلاث مائة سنة، وإنّه ملك مائة سنة وتسعين سنة.

فملك بعده ابنه هرجيب، وكان كأبيه حكيما فاضلا في علم السّحر والطّلّسمات، فعمل أعمالا عجيبة، واستخرج معادن كثيرة، وأظهر علم الكيمياء، وبنى أهرام دهشور (a) وحمل إليها أموالا عظيمة وجواهر نفيسة وعقاقير وسمومات، وجعل عليها روحانيات تحفظها.

وشجّ رجل رجلا فأمر بقطع أصابعه، وسرق رجل مالا فملك المسروق له رقّ السّارق. ولما مات دفن في الهرم ومعه جميع أمواله وذخائره (٣).

وملك بعده ابنه مناوس، ويقال منقاوس، وكان كأبيه في الحكمة، إلاّ أنّه كان جبّارا فاسقا سفّاكا للدماء، ينتزع النّساء من أزواجهن ويبيح ذلك لخواصّه.

وعمل أعمالا عجيبة، واستخرج كنوزا، وبنى قصورا من ذهب وفضّة، وأجرى فيها الأنهار، وجعل حصباءها من أصناف الجواهر النّفيسة، وسلّط رجلا جبّارا اسمه قرناس على النّاس، ووجّهه لمحاربة الأمم الغريبة، فقتل منهم خلائق (٤).

ولمّا مات دفن في بعض قصوره ومعه أمواله، وعمل عليه طلّسم يحفظه ويمنعه من كلّ طالب.

/ وملك بعده ابنه أفروس، وكان كأبيه في العلم والحكمة، ولمّا ملك أظهر العدل وأحسن السّيرة، وردّ النّساء اللاتي غصبن في أيّام أبيه على أزواجهنّ.


(a) الأصل: دهشون.
(١) النويري: نهاية الأرب ٢٠: ١٥ - ٢١.
(٢) فيما تقدم ١١١: ١.
(٣) النويري: نهاية الأرب ٣٤: ١٥.
(٤) نفسه ٣٤: ١٥ - ٣٥.