للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النّيل، وفي وسطه بركة صغيرة من نحاس فيها ماء موزون، وعليها من جانبيها عقابان من نحاس أحدهما ذكر والآخر أنثى. فإذا كان أوّل الشّهر الذي يزيد فيه النّيل فتح هذا البيت، وجمع الكهّان فيه بين يديه، وزمزم الكهّان بكلامهم حتى يصفّر أحد العقابين: فإن صفّر الذّكر كان الماء تامّا، وإن صفّرت الأنثى كان الماء ناقصا، فيستعدّون عند ذلك لغلاء الأسعار بما يصلحون به شأنهم. وهو الذي بنى القنطرة ببلاد النّوبة على النّيل (١).

ولمّا مات عمل (a) في ناووس ومعه كنوزه، وعمل عليه طلّسم.

وملك بعده ابنه هو صال، ويقال هرصال ومعناه خادم الزّهرة، ويقال سوصال بن لوجيم الملك النّقراوشي من بني نقراوش الجبّار. ويقال إنّ نوحا ولد في أيّامه.

وكان فاضلا كاهنا عالما بالسّحر والطّلّسمات فعمل عجائب، منها أنّه بنى مدينة عمل في وسطها صنما للشّمس يدور بدورانها، ويبيت مغربا، ويصبح مشرقا. وعمل سربا تحت النّيل، يشقّ (b) الأرض وخرج منه متنكّرا حتى بلغ مدينة بابل، وكشف أعمال الملوك.

وكان نوح في زمانه؛ وولد له عشرون ولدا، فجعل مع كلّ ولد (c) منهم قاطرا (d)، وهو رأس الكهنة. وأقام في الملك مائة وسبع عشرة سنة، ثم لزم الهياكل وأقام أولاده على حالهم، كلّ منهم في قسمه الذي أعطاه إيّاه أبوه مدّة سبع سنين (٢).

ثم اجتمعوا على واحد منهم وملّكوه عليهم، وكان اسمه بردشال، وقيل تدرسان (e)، فلمّا ملك نفى جميع إخوته إلى المدائن الدّاخلة في الغرب، واقتصر على امرأة من بنات عمّه، وكانت ساحرة. وعمل له قصرا من خشب منقوشا فيه صورة الكواكب، وبسطه بأحسن الفرش، وحمله على الماء، وصار/ يجلس فيه؛ فبينما هو فيه ذات يوم إذ هبّت ريح شديدة اضطرب منها الماء، فانقلب القصر وتكسّر، فغرق هو ومن كان معه في القصر (٣).


(a) بولاق: جعل.
(b) بولاق: فشق.
(c) الأصل: واحد.
(d) بولاق: قطرا،: Wiet ناظرا.
(e) بولاق: تدرشان، النويري: ندسان.
(١) النويري: نهاية الأرب ١١: ١٥؛ المسعودي: أخبار الزمان ١١٩ - ١٢٠.
(٢) نفسه ١١: ١٥ - ١٢؛ نفسه ١٢٠ - ١٢١، والقاطر هو الكاهن الذي يتعبّد للكواكب السبعة المدبرة، لكل كوكب سبع سنين، فإذا بلغ هذه الرتبة سمّي قاطرا، وكان يجلس مع الملك في المرتبة ويصدر الملك عن رأيه، وإذا رآه قام له (النويري: نهاية ٤٠: ١٥).
(٣) نفسه ١٢: ١٥ - ١٣؛ وقارن المسعودي: أخبار ١٢١.