تنزّه طرفي في بديع (a) بنائها … ولم يتنزّه في المراد بها فكري
أخذ هذا من قول بعض الحكماء: كلّ شيء يخشى عليه من الدّهر إلاّ الأهرام، فإنّه يخشى على الدّهر منها (١).
وقال عبد الوهّاب بن حسن بن جعفر بن الحاجب، ومات في سنة سبع وثمانين وثلاث مائة:
[الكامل]
انظر إلى الهرمين إذ برزا … للعين في علو وفي صعد
وكأنّما الأرض العريضة إذ (b) … ظمئت لطول حرارة الكبد
حسرت عن الثّديين بارزة … تدعو الإله لفرقة الولد
فأجابها بالنّيل يشبعها … ريّا وينقذها من الكمد
لكرامة المولى المقيم بها … خير الأنام مقوّم الأود
وقال سيف الدّين بن جبارة:
[الكامل]
للّه أيّ غريبة وعجيبة … في صنعة الأهرام للألباب
أخفت عن الأسماع قصّة أهلها … ونضت عن الإبداع كلّ نقاب
فكأنّما هي كالخيام مقامة … من غير ما عمد ولا أطناب
مثل العرائس حدود أثوابها … عنها ولم تنطق من الإعجاب (c)
وقال آخر:
[الكامل]
انظر إلى الهرمين واسمع منهما … ما يرويان عن الزّمان الغابر
وانظر إلى سرّ اللّيالي فيهما … نظرا بعين القلب لا بالنّاظر
لو ينطقان لخبّرانا بالذي … فعل الزّمان بأوّل وبآخر
وإذا هما بديا لعيني ناظر … وصفا له أذني جواد عاير
وقال الإمام أبو العبّاس أحمد بن يوسف التّيفاشي (٢):
(a) الإدريسي: عجيب.
(b) بولاق: قد.
(c) هذا البيت ساقط من بولاق.
(١) فيما تقدم ٨٢، ٣٢١.
(٢) شرف الدين أبو العباس أحمد بن يوسف بن أحمد بن أبي بكر بن حمدون القيسي التيفاشي نسبة إلى تيفاش من قرى قفصة بإفريقية (تونس الحالية)، عالم جيولوجي