ويقال: إنّ المأمون أمر من صعد الهرم الكبير أن يدلي حبلا، فكان طوله ألف ذراع بالذّراع الملكي - وهو ذراع وخمسان - وتربيعه أربع مائة ذراع في مثلها، وكان صعوده في ثلاث ساعات من النّهار، وأنّه وجد مقدار رأس الهرم قدر مبرك ثمانية جمال (٢).
ويقال: إنّه وجد على الشخص (a) المقبور في الهرم حلّة قد بليت ولم يبق منها سوى سلوكها من الذّهب، وأنّ ثخانة الطّلاء الذي عليه قدر شبر من مرّ وصبر.
ويقال: إنّه وجد في موضع من هذا الهرم إيوان، في صدره ثلاثة أبواب على ثلاثة بيوت، طول كلّ باب منها عشرة أذرع في عرض خمسة أذرع من رخام منحوت محكم الهندام، وعلى صفحاته خطّ أرزق لم يحسنوا قراءته؛ وأنّهم أقاموا ثلاثة أيام يعملون الحيلة في فتح هذه الأبواب، إلى أن رأوا أمامها على عشرة أذرع منها ثلاثة أعمدة من مرمر، وفي كلّ عمود خرق في طوله، وفي وسط الخرق صورة طائر؛ ففي الأوّل من هذه العمد صورة حمام من حجر أخضر، وفي الأوسط صورة بازي من حجر أصفر، وفي العمود الثالث صورة ديك من حجر أحمر. فحرّكوا البازي فتحرّك الباب الأوّل الذي في مقابلته، فرفعوا البازي قليلا فارتفع الباب، وكان بحيث لا يرفعه مائة رجل من عظمه، فرفعوا التّمثالين الآخرين، فارتفع البابان الآخران؛ فدخلوا إلى البيت الأوسط، فوجدوا فيه ثلاثة سرر من حجارة شفّافة مضيئة، وعليها ثلاثة من الأموات، على كلّ ميّت ثلاث حلل، وعند رأسه مصحف بخطّ مجهول.
ووجدوا في البيت الآخر عدّة رفوف من حجارة، عليها أسفاط من حجارة فيها أوان من الذّهب عجيبة الصّنعة، مرصّعة بأصناف (b) الجواهر. ووجدوا في البيت الثالث عدّة رفوف من حجارة، عليها أسفاط من حجارة فيها آلات الحرب وعدد السّلاح؛ فقيس منها سيف فكان طوله سبعة أشبار، وكلّ درع من تلك الدّروع اثنا عشر شبرا، (c)) ويدخل في البيضة رأسان من رؤوس الناس (c)؛ فأمر المأمون بحمل ما وجد في البيوت، وأمر فحطّت العمد فانطبقت الأبواب كما كانت.
(a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: بأنواع. (c-c)) ساقطة من بولاق. (١) نهاية النص المنقول عن أمية بن عبد العزيز: الرسالة المصرية ٢٤ - ٢٨. (٢) ابن النديم: الفهرست ٤١٨ وهو تتمة النص الذي نقله فيما سبق ٣٠٩ - ٣١٠.