وقال عبيد بن شريّة (a) الجرهمي: لمّا نزلت العماليق أرض مصر حين أخرجها جرهم من مكّة، بنت الأهرام، واتّخذت لها المصانع، وبنت فيها العجائب، ولم تزل بمصر حتى أخرجها مالك بن دعر الخزاعيّ (١).
وقال محمد بن عبد الحكم: كان من وراء الأهرام إلى المغرب أربع مائة مدينة سوى القرى من مصر إلى/ المغرب في غربي الأهرام (٢).
وقال ابن عفير: ولم يزل مشايخنا من أهل مصر يقولون الأهرام بناها شدّاد بن عاد، وهو الذي بنى المغار، وجنّد الأجناد؛ فالمغار والأجناد هي الدّفائن. وكانوا يقولون بالرّجعة، وإذا مات أحدهم دفن معه ماله كائنا ما كان، وإن كان صانعا دفن معه آلة صنعته، وكانت الصّابئة تحجّ إلى الأهرام (٣).
وقال أبو الرّيحان البيروني في كتاب «الآثار الباقية عن القرون الخالية»: والفرس وعامّة (b) المجوس تنكر الطّوفان، وأقرّ به بعض الفرس لكنّهم قالوا: كان بالشّام والمغرب منه شيء في زمان طمهورث، ولكنّه لم يعمّ العمران كلّه، ولم يتجاوز عقبة حلوان، ولم يبلغ ممالك المشرق، وإنّ أهل المغرب لمّا أنذر به حكماؤهم بنوا أبنية - كالهرمين بمصر - ليدخلوها عند الآفة، وإنّ آثار ماء الطّوفان وتأثيرات الأمواج كانت بيّنة على أنصاف الهرمين لم تتجاوزهما (٤). انتهى.
ويقال: إنّه لمّا نضب ماء الطّوفان (c) لم يوجد تحت الماء قرية سوى نهاوند - وجدت كما هي - وأهرام مصر وبرابيها، وهي التي بناها هرمس الأوّل الذي تسمّيه العرب إدريس (٥). وكان قد
(a) في جميع النسخ: عبد اللّه بن شبرمة والصواب ما أثبته. (b) إضافة من البيروني. (c) بولاق: إن الطوفان لما نضب ماؤه. (١) لم أقف على هذا الخبر فيما وصل إلينا من أخبار عبيد ابن شرية الجرهمي. (٢) السيوطي: حسن المحاضرة ٧٧: ١. (٣) ياقوت: معجم البلدان ٤٠١: ٥. (٤) البيروني: الآثار الباقية ٢٣ - ٢٤. (٥) الإدريسي: أنوار علوي الأجرام ٢٢؛ وفيما تقدم ٣١٢ نقلا عن الهمداني. وهرميس أو هرمس المثلث الحكمة انتقل إلى الحضارة الإسلامية بحالتين: الحالة الإلهية وهو الاسم اليوناني للإله المصري تحوت، Thot ويظهر في المؤلفات الفلسفية والعلمية والسحرية كبطل من العصور القديمة. وينسب إلى أبي معشر البلخي في كتاب «الألوف» أن الهرامسة ثلاثة: الأوّل هرمس الذي كان قبل الطوفان وهو أوّل من تكلّم في الأشياء العلوية، والذي يعرف عند الرومان باسم