للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في دير أبي هرميس، فوجدوا فيه ميّتا في أكفانه، وعلى صدره قرطاس ملفوف في خرق (١)، فاستخرجوه من الخرق فرأوا كتابا لا يعرفونه، وكان الكتاب بالقبطية الأولى، فطلبوا من يقرأه لهم فلم يقدروا عليه، فقيل لهم: إنّ بدير القلمون من أرض الفيّوم راهبا يقرأه، فخرجوا إليه، وقد ظنّوا أنّه في الصّنعة، فقرأه لهم وكان فيه.

«كتب هذا الكتاب في أوّل سنة من ملك ديقلطيانس الملك، وإنّا استنسخناه من كتاب نسخ في أوّل سنة من ملك فيلبش الملك، وأنّ فيلبس استنسخه من صحيفة من ذهب خرق كتابتها حرفا حرفا، وكان من الكتاب الأوّل ترجمه له أخوان من القبط يقال لأحدهما أيلو والآخر برثا.

وإنّ الملك فيلبش سألهما عن سبب معرفتهما بما جهله الناس من قراءته، فذكرا أنّهما من ولد رجل من أهل مصر الأوائل، لم ينج من الطّوفان من أهل مصر أحد غيره، وكان سبب نجاته أنّه أتى نوحا فآمن به، ولم يأته من أهل مصر غيره، فحمله معه في السّفينة، فلمّا نضب ماء الطّوفان أتى مصر ومعه نفر من ولد حام بن نوح، وكان بها حتى هلك، فورّث ولده علم كتاب أهل مصر الأول، فورثناه عنه كابرا عن كابر».

وكان تاريخه الذي مضى إلى أن استنسخه فيلبش ألفا وثلاث مائة واثنتين وسبعين سنة، وأنّ الذي استنسخه في صحيفة من ذهب خرق كتابتها حرفا حرفا على ما وجده فيلبش، وإنّ تاريخه إلى أن استنسخه ألف وسبع مائة سنة وخمس وثمانون سنة.

وكان الكتاب المنسوخ:

«إنّا نظرنا فيما تدلّ عليه النّجوم فرأينا أنّ آفة نازلة من السّماء وخارجة من الأرض. فلمّا بان لنا الكون نظرنا ما هو، فوجدناه ماء مفسدا للأرض وحيوانها ونباتها. فلمّا تمّ اليقين من ذلك عندنا قلنا لملكنا سوريد بن سهلوق: مر ببناء أفروشنات وقبر لك وقبر لأهل بيتك! فبنى لهم الهرم الشرقي (٢)، وبنى لأخيه هرجيب الهرم الغربي، وبنى لابن هرجيب الهرم


(١) هذا النص أحد الروايات القليلة التي تعتمد على ما جاء في القراطيس (البردي (Papyrus القديمة (راجع مناقشة ذلك عند ٦٢ - ٣٤٧ .. (Fodor، A.، op.cit، pp
(٢) الإدريسي: أنوار علوي الأجرام ١٠٠ - ١٠٢.