للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى صاروا كالغثاء لطول الزّمان، وفي تلك البئر أربعة من الدّور مملوءة بأجساد الموتى، وفيها خفّاش كثير، وكانوا يدفنون أيضا جميع الحيوان في الرّمال.

ولقد وجدت يوما (a) ثيابا ملفوفة كثيرا، حزمة (a) مقدار أكثر من ذراع، وقد احترقت تلك الثّياب من القدم، فأزلت الثّياب إلى أن ظهرت خرق صحاح قويّة بيض من كتّان أمثال العصائب، فيها أعلام من الحرير الأحمر، وفي داخلها هدهد ميّت لم يتناثر من ريشه ولا من جسده شيء، كأنّه قد مات الآن.

وفي القبّة التي في الهرم باب يفضي إلى علوّ الهرم، وليس فيه درج، عرضه نحو خمسة أشبار، يقال إنّه صعد فيها في زمان المأمون فأفضوا إلى قبّة صغيرة فيها صورة آدمي من حجر أخضر كالدّهنج، فأخرجت إلى المأمون، فإذا هي مطبقة [كالدّواة] (b)، فلمّا فتحت وجد فيها جسد آدمي عليه درع من ذهب مزيّن بأنواع الجواهر، وعلى صدره نصل سيف لا قيمة له، وعند رأسه حجر ياقوت أحمر كبيضة الدّجاجة، يضيء كلهب النار (c)، فأخذه المأمون.

وقد رأيت الصّنم الذي أخرج منه ذلك الميّت ملقى عند باب دار الملك بمصر في سنة إحدى عشرة وخمس مائة (١).

وقال القاضي الجليل أبو عبد اللّه محمد بن سلامة القضاعيّ (٢): روى عليّ بن الحسن بن خلف ابن قديد، عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن محمد بن عليّ بن صخر التّميمي، قال: حدّثني رجل من عجم مصر، من قرية من قراها تدعى قفط (٣) - وكان عالما بأمور مصر وأحوالها، وطالبا لكتبها القديمة ومعادنها - قال: وجدنا في كتبنا القديمة، قال: وأمّا الأهرام فإنّ قوما احتفروا قبرا


(a) ساقطة من بولاق.
(b) زيادة من تحفة الألباب.
(c) التحفة: كالمصباح أو لهب النار.
(١) أبو حامد الغرناطي: تحفة الألباب ٧٥ - ٧٧ وانظر فيما يلي ٣٢٤.
(٢) أورد الإدريسي كذلك رواية القضاعي مسندة وسندها: «أخبرنا القاضي العدل أمين الدين أبو محمد الحسن ابن محمد بن الحسن بن عليّ بن محمد بن عليّ بن مروان القرشي الأموي مناولة، قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد المنعم بن موهوب القاري قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا الشيخ العلامة أبو عبد اللّه محمد بن بركات السعيدي النحوي قراءة عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو عبد اللّه محمد ابن سلامة القضاعي سماعا عليه قال: .. » (أنوار علوي الأجرام ١٠٠)، وأوردها كذلك ياقوت الحموي: معجم البلدان ٣٩٩: ٥ نقلا عن كتابه «خطط مصر».
(٣) عن مدينة قفط انظر فيما يلي ٦٢٩ - ٦٣٣.