والمعدلة، إذا بلغ النّيل سبع عشرة ذراعا وعشر أصابع: أربعة آلاف ألف ومائتي ألف وسبعة وخمسين ألف دينار، والمقبوض على الفدّان ديناران. فأعرض عن ذلك ولم يعد فيه شيئا (١).
وفي حدّ الفسطاط في غربي النّيل أبنية عظام يكثر عدها، مفترشة في سائر الصّعيد، تدعى الأهرام، وليست كالهرمين اللذين تجاه الفسطاط، وعلى فرسخين منها، ارتفاع كلّ واحد منهما أربع مائة ذراع، وعرضه كارتفاعه مبنيّ بحجارة الكدّان التي سمك الحجر وطوله وعرضه من العشر أذرع إلى الثمان، بحسب ما دعت الحاجة إلى وضعه في زيادته ونقصه، وأوجبته الهندسة عندهم، لأنّهما كلّما ارتفعا في البناء ضاقا حتى يصير أعلاهما من كلّ واحد منهما مثل مبرك جمل، وقد ملئت حيطانهما بالكتابة اليونانية.
وقد ذكر قوم أنّهما قبران، وليس كذلك، وإنّما حدا (a) صاحبهما في (b) عملهما أنّه قضى بالطّوفان أنّه يهلك جميع ما على وجه الأرض إلاّ ما حصّن في مثلهما، فخزن ذخائره وأمواله فيهما؛ وأتى الطّوفان ثم نضب، فصار ما كان فيهما إلى بيصر (c)) بن مصرايم بن حام (c) بن نوح.
وقد خزن فيهما بعض الملوك المتأخّرين، وجعلها أهراءه، واللّه أعلم (٢).
وقال أبو يعقوب محمد بن إسحاق النّديم الورّاق في كتاب «الفهرست»، وقد ذكر هرمس البابليّ: قد اختلف في أمره، فقيل إنّه كان أحد السّبعة السّدنة الذين رتّبوا لحفظ البيوت السّبعة، وإنّه كان لترتيب (d) عطارد، وباسمه سمّي، فإنّ عطارد باللغة الطّردانية (e) هرمس. وقيل إنّه انتقل إلى أرض مصر بأسباب، وإنّه ملكها، وكان له أولاد منهم طا وصا وأشمن وأتريب وقفط، وإنّه كان حكيم زمانه، وإنّه لمّا توفّي دفن في البناء الذي يعرف بمدينة مصر بأبي هرميس، ويعرفه العامّة بالهرمين، فإنّ أحدهما قبره، والآخر قبر زوجته، وقيل قبر ابنه الذي خلفه بعد موته (٣).
(a) بولاق: حمل. (b) بولاق: على. (c-c)) ساقطة من ابن حوقل. (d) الفهرست: إليه بيت. (e) بولاق: الكلدانية. (١) ابن حوقل: صورة الأرض ١٣٥ - ١٣٦. (٢) نفسه ١٥١ - ١٥٢. (٣) أبو الفرج محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق النّديم الورّاق البغدادي المعروف ب [ابن] النديم وبابن أبي يعقوب الورّاق، لا نكاد نعلم عن حياته شيئا كثيرا سوى أنّه كان ورّاقا يبيع الكتب ببغداد وألّف نحو سنة ٣٧٧ هـ/ ٩٨٧ م كتابه «الفهرست» أو «الفهرست في أخبار الأدباء». وترجع مكانة ابن النديم إلى أنه أوّل من ألّف تاريخا للتراث العربي - قد يكون وحيدا في بابه - سيظل على الدوام المصدر الرئيسي لمعرفة مصادر الأدب والعلم في القرون الأربعة الأولى للإسلام. ولا نعرف على التحقيق السنة التي توفي فيها [ابن] النديم، ولكن ما ذكره في كتابه يدل على أنّه كان موجودا