قال: ولمّا مات سوريد، دفن في الهرم ومعه أمواله وكنوزه؛ وقالت القبط: إنّ سوريد هو الذي بنى البرابي، وأودع فيها كنوزا، وزبر عليها علوما، ووكّل بها روحانيات تحفظها ممّن يقصدها.
قال: وأمّا الأهرام الدّهشورية، فيقال إنّ شدّات بن عديم هو الذي بناها من الحجارة التي كانت قد قطعت في زمن أبيه. وشدّات هذا يزعم بعض الناس أنّه شدّاد بن عاد. وقال من أنكر أن يكون العادية دخلت مصر: إنّما غلطوا باسم شدّات بن عديم، فقالوا شدّاد بن عاد، لكثرة ما يجري على ألسنتهم شدّاد بن عاد، وقلّة ما يجري على ألسنتهم شدّات بن عديم، وإلاّ فما قدر أحد من الملوك يدخل مصر ولا قوي على أهلها، غير بخت نصّر (١). واللّه أعلم.
وذكر أبو الحسن المسعودي في كتابه «أخبار الزّمان ومن أباده الحدثان» أنّ الخليفة عبد اللّه المأمون بن هارون الرّشيد، لمّا قدم مصر وأتى على الأهرام، أحبّ أن يهدم أحدها ليعلم ما فيها، فقيل له: إنّك لا تقدر على ذلك، فقال: لا بدّ من فتح شيء منه (٢). ففتحت له الثّلمة المفتوحة الآن بنار توقد، وخلّ يرشّ، ومعاول وحدّادين يعملون فيها، حتى أنفق عليها أموالا عظيمة، فوجدوا عرض الحائط قريبا من عشرين ذراعا. فلمّا انتهوا إلى آخر الحائط، وجدوا خلف النّقب مطهرة خضراء فيها ذهب مضروب، وزن كل دينار أوقية، وكان عددها ألف دينار. فجعل المأمون يتعجّب من ذلك الذّهب ومن جودته، ثم أمر بجملة ما أنفق على الثّلمة فوجدوا الذّهب الذي أصابوه لا يزيد على ما أنفقوه ولا ينقص، فعجب من معرفتهم بمقدار ما ينفق عليه، ومن تركهم ما يوازيه في الموضع، عجبا عظيما (٢). وقيل إنّ المطهرة التي وجد فيها الذّهب كانت من زبرجد، فأمر المأمون بحملها إلى خزانته. وكان آخر ما حمل (a) من عجائب مصر (٣).
(a) بولاق: آخر ما عمل، الإدريسي: آخر ما حمله. (١) النويري: نهاية الأرب ٦١: ١٥. (٢) وذلك في سنة ستّ عشرة ومائتين (أنوار علوي الأجرام ٣١؛ صبح الأعشى ٣٢٥: ٣). (٣) قارن أمية بن عبد العزيز: الرسالة المصرية ٢٧؛ الإدريسي: أنوار علوي ٣٥؛ مجهول: الاستبصار ٥٦ - ٥٧؛ النويري: نهاية الأرب ٢٧: ١٥ - ٢٨؛ ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار ٢٣٥: ١ - ٢٣٦؛ السيوطي: حسن المحاضرة ٧٢: ١؛ وفيما يلي ٣٠٨، ٣٢١ - ٣٢٢؛ وانظر كذلك Van Reeth، J.، «Caliph al-Ma'mu? n and the Treasure of.the Pyramids»، OLP ٢٥ (١٩٩٤)، pp. ٢٢١ - ٣٦