وجعل لكلّ هرم منها خازنا (a): فخازن (b) الهرم الغربي صنم من حجارة صوّان مجزّع، وهو واقف ومعه شبه حربة، وعلى رأسه حيّة قد تطوّق بها: من قرب منه وثبت إليه وطوّقت على عنقه وقتلته، ثم تعود إلى مكانها. وجعل خازن (b) الهرم الشّرقي صنما من جزع أسود مجزّع بأسود وأبيض، له عينان مفتوحتان برّاقتان وهو جالس على كرسي ومعه حربة: إذا نظر أحد إليه سمع من جهته صوتا يفزع منه فيخرّ على وجهه، ولا يبرح حتى يموت. وجعل خازن (b) الهرم الملوّن صنما من حجر البهت على قاعدة منه: من نظر إليه، جذبه حتى يلتصق به فلا يفارقه حتى يموت (١).
فلمّا فرغ من ذلك، حصّن الأهرام بالأرواح الرّوحانية، وذبح لها الذّبائح لتمنع عن أنفسها من أرادها، إلاّ من عمل لها أعمال الوصول إليها (٢).
وذكر القبط في كتبهم أنّ عليها كتابا (c) منقوشا تفسيره بالعربية: «أنا سوريد الملك، بنيت هذه الأهرام في وقت كذا وكذا، وأتممت بناءها في ستّ سنين. فمن أتى بعدي، وزعم أنّه ملك مثلي، فليهدمها في ستّ مائة سنة، وقد علم أنّ الهدم أيسر من البنيان. وإنّي كسوتها عند فراغها بالدّيباج، فليكسها بالحصر»(٣). فنظروا فوجدوا أنّه لا يقوم بهدمها شيء في (d) الأزمان الطّوال.
وحكى القبط في كتبهم أنّ روحانية الهرم الشّمالي غلام أمرد، أصفر اللون (e)، عريان، في فمه أنياب كبار. وروحانية الهرم الجنوبي امرأة عريانة، بادية الفرج حسناء، في فمها أنياب كبار، تستهوي الإنسان إذا رأته، وتضحك له حتى يدنو منها فتسلبه عقله.
وروحانية الهرم الملوّن شيخ في يده مجمرة من مجامر الكنائس يبخّر بها. وقد رأى غير واحد من الناس هذه الرّوحانيات مرارا وهي تطوف حول الأهرام وقت القائلة وعند غروب الشّمس (٤).
(a) بولاق: خادما. (b) بولاق: فخادم. (c) ساقطة من بولاق. (d) بولاق: من. (e) زيادة من بولاق. (١) الإدريسي: أنوار علوي ١٢٧؛ المقريزي: نهاية الأرب ٢٦: ١٥؛ السيوطي: حسن المحاضرة ٧٠: ١ - ٧٢. (٢) نفسه ١٢٨؛ نفسه ٢٦: ١٥ - ٢٧. (٣) النويري: نهاية الأرب ٢٧: ١٥؛ أمية بن عبد العزيز: الرسالة المصرية ٢٨؛ السيوطي: حسن المحاضرة ٧٢: ١. (٤) الإدريسي: أنوار ١٣٣؛ النويري: نهاية ٣٢: ١٥.