للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجعل ارتفاع كلّ واحد من الأهرام في الهواء مائة ذراع بالذراع الملكي، وهو بذراعهم خمس مائة ذراع بذراعنا الآن، وجعل طول كلّ واحد من جميع جهاته مائة ذراع بذراعهم، ثم هندمها (a) من كلّ جانب حتى تحدّدت أعاليها من آخر طولها على ثمانية أذرع بذراعنا (b).

وكان ابتداء بنائها في طالع سعيد اجتمعوا عليه وتخيّروه. فلمّا فرغت، كساها ديباجا ملوّنا من فوقها إلى أسفلها، وعمل لها عيدا حضره أهل مملكته بأجمعهم (c). ثم عمل في الهرم الغربي ثلاثين جرنا (d) من حجارة صوّان ملوّن، وملئت بالأموال الجمّة والآلات والتّماثيل المعمولة من/ الجواهر النّفيسة وآلات الحديد الفاخر من السّلاح الذي لا يصدأ، والزّجاج الذي ينطوي ولا ينكسر، والطّلّسمات الغريبة، وأصناف العقاقير المفردة والمؤلّفة، والسّموم القاتلة.

وعمل في الهرم الشّرقي أصناف القباب الفلكيّة والكواكب، وما عمله أجداده من التّماثيل والدّخن التي يتقرّب بها إلى الكواكب ومصاحفها، وكوّن الكواكب الثابتة وما يحدث في أدوارها وقتا وقتا، وما عمل لها من التواريخ والحوادث التي مضت، والأوقات التي ينتظر فيها ما يحدث، وكلّ من يلي مصر إلى آخر الزّمان، وجعل فيها المطاهر التي فيها المياه المدبّرة، وما أشبه ذلك.

وجعل في الهرم الملوّن أجساد (e) الكهنة في توابيت من صوّان أسود، ومع كلّ كاهن مصحف فيه عجائب صناعاته وأعماله وسيرته، وما عمل في وقته، وما كان وما يكون من أوّل الزمان إلى آخره، وجعل في الحيطان من كلّ جانب أصناما تعمل بأيديها جميع الصّناعات (f) على مراتبها وأقدارها، وصفة كلّ صنعة وعلاجها وما يصلح لها. ولم يترك علما من العلوم حتى زبره ورسمه. وجعل فيها أموال الكواكب التي أهديت إلى الكواكب، وأموال الكهنة، وهو شيء عظيم لا يحصى (١).


(a) بولاق: هندسها.
(b) النص عن النويري: نهاية ٢٤: ١٥ - ٢٥. وجعل طول كل واحد منها أربع مائة ذراع بالملكي يكون خمس مائة بذراعنا. وجعل تربيع كل واحد أربع مائة ذراع؛ وبناها في الاستواء إلى أربعين ذراعا، ثم هرّمها.
(c) بولاق بأجمعها.
(d) الأصل وبولاق: مخزنا والتصويب من الإدريسي والنويري.
(e) الأصل: أخبار.
(f) بولاق: الصنائع.
(١) الإدريسي: أنوار علوي الأجرام ١٢١ - ١٢٣؛ النويري: نهاية الأرب ٢٤: ١٥ - ٢٥.