للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعر ستة دنانير ونصف القنطار. ولا يقدر أحد على ابتياعه من العربان ولا غيرهم، فإن عثر على أحد أنّه اشترى منه شيئا أو باعه سوى الدّيوان، نكّل به، واستهلك ما وجد معه منه. وقد بطل اليوم (a) هذا (١).

وأمّا «النّطرون» فيوجد في البرّ الغربيّ من أرض مصر بناحية الطّرّانة (٢)، وهو أحمر وأخضر، ويوجد منه بالفاقوسيّة شيء دون ما يوجد في الطّرّانة. وهو أيضا ممّا حظر عليه ابن مدبّر من الأشياء التي كانت مباحة، وجعله في ديوان السّلطان، وكان من بعده على ذلك إلى اليوم. وقد كان الرّسم فيه بالدّيوان أن يحمل منه في كلّ سنة عشرة آلاف قنطار، ويعطى الضّمّان منها في كلّ سنة قدر ثلاثين قنطارا يتسلّمونها من الطّرّانة فيباع في مصر بالقنطار المصري، وفي بحر الشّرق والصّعيد بالجروي، وفي دمياط باللّيثي (٣).

قال القاضي الفاضل: وباب النّطرون كان مضمونا إلى آخر سنة/ خمس وثمانين وخمس مائة بمبلغ خمسة عشر ألفا وخمس مائة دينار، وحصل منه في سنة ستّ وثمانين مبلغ سبعة آلاف وثمان مائة دينار. وأدركنا النّطرون إقطاعا لعدّة أجناد. فلمّا تولّى الأمير محمود بن علي الأستادّارية وصار مدبّر الدّولة في الأيام الظّاهرية برقوق، حاز النّطرون، وجعل له مكانا لا يباع في غيره، وهو إلى الآن على ذلك.

وأمّا «الحبس الجيوشي» فكان في البرّين الشّرقي والغربي: ففي الشّرقي بهتيت والأميرية والمنية، وكانت تسجّل هذه النّواحي بعين (b)، وفي الغربي سفط ونهيا ووسيم. وهذه النّواحي حبسها أمير الجيوش بدر الجمالي على عقبه، هي والبساتين ظاهر باب الفتوح، فلمّا


(a) ساقطة من بولاق.
(b) ابن مماتي: مفادنة بالعين.
(١) ابن ممّاتي: قوانين الدواوين ٣٢٨ - ٣٢٩؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٤٥٥: ٣؛ ومما تقدم ٨٣: ١.
(٢) الطّرّانة. من القرى القديمة، وردت في كتب الجغرافية العربية التي كتبت قبل منتصف القرن السادس الهجري باسم «ترنوط» وهي تقع على الشاطئ الغربي لفرع النيل الغربي (فرع رشيد)، ذكر الإدريسي أنها مدينة صغيرة متحضرة يجلب منها النّطرون الجيّد إلى جميع البلاد (نزهة المشتاق ٣٤١)، وأضاف ياقوت أن بها معاصر للسكر وبساتين، وأن أكثر فواكه الإسكندرية منها (معجم البلدان ٢٧: ٢)، ثم ورد اسمها في الرّوك الصّلاحي باسم الطّرّانة، وهي اليوم إحدى قرى مركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة (محمد رمزي: القاموس الجغرافي ٣٣١: ٢/ ٢ - ٣٣٢).
(٣) ابن ممّاتي: قوانين الدواوين ٣٣٤ - ٣٣٦.