وقال القاضي الفاضل: والحاصل من «خمس الإسكندرية» في سنة سبع وثمانين وخمس مائة ثمانية وعشرون ألف دينار وستّ مائة وثلاثة عشر دينارا.
و «المتجر» عبارة عمّا يبتاع للديوان من بضائع [التّجّار الواردين ممّا] (a) تدعو إليها الحاجة ويقتضيه طلب الفائدة. قال جامع «سيرة الوزير اليازوري»: وقصّر النّيل بمصر في سنة أربع وأربعين وأربع مائة، ولم يكن في مخازن الغلاّت شيء، فاشتدّت المسغبة بمصر، وكان الخلوّ المخازن سبب أوجب ذلك، وهو أنّ الوزير النّاصر للدين لمّا أضيف إليه القضاء في أيّام أبي البركات الوزير كان يبتاع للسّلطان في كلّ سنة غلّة بمائة ألف درهم، وتجعل متجرا (١).
فمثل القاضي بحضرة الخليفة المستنصر (b) باللّه، وعرّفه أنّ المتجر الذي يقام بالغلّة فيه أوفى مضرّة على المسلمين، وربّما انحطّ السّعر عن مشتراها فلا يمكن بيعها، فتتعفّن في المخازن وتتلف، وأنّه يقيم متجرا لا كلفة فيه على الناس، ويفيد أضعاف فائدة الغلّة، ولا يخشى عليه من تغيّره في المخازن ولا انحطاط سعره، وهو الخشب والصّابون والحديد والرّصاص والعسل وما أشبه ذلك؛ فأمضى السّلطان له ما رآه.
واستمرّ ذلك، ودام الرّخاء على النّاس، فوسّعوا فيه مدّة سنين ثم عمل الملوك بعد ذلك ديوانا للمتجر، وآخر من عمله الظّاهر برقوق.
وأمّا «الشّبّ» فإنّ معادنه بالصّعيد، وكانت عادة الديوان الإنفاق في تحصيل القنطار منه باللّيثي مبلغ (c) ثلاثين درهما، وكانت العربان تحضره من معادنه إلى ساحل إخميم وسيوط والبهنسا ليحمل إلى الإسكندرية أيّام النّيل في الخليج، ويشترى بالقنطار اللّيثي، ويباع بالقنطار الجروي: فيباع منه على تجّار الرّوم قدر اثني عشر ألف قنطار بالجروي، بسعر أربعة دنانير كلّ قنطار إلى ستة دنانير، ويباع منه بمصر على اللّبوديين والصّبّاغين نحو الثمانين قنطارا بالجروي،
(a) زيادة من ابن مماتي مصدر النقل. (b) بولاق: المستعين. (c) بولاق: يبلغ. الأرب ٣٣٦: ٢٨ - ٣٣٧؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٤٥٩: ٣ - ٤٦٠؛ Rabie، H.، The Financial System of Egypt A.H. ٥٦٤ - ٦٤١/ A.D. ١١٦٩ - ١٣٤١، pp. ٩٠ - ؛ ٩١; Cahen، Cl.، Makhzu? miyya? t pp. ٨٤، ٨٨ - ٨٩ أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٥٣١ - ٥٣٧. (١) عن المتجر انظر المخزومي: المنهاج ٩، ٤٨، ٥٧؛ ابن مماتي: قوانين ٣٢٧ - ٣٢٩؛ المقريزي: إغاثة الأمة ٢٠، اتعاظ الحنفا ٢٢٥: ٢؛ أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٤٩٤ - ٤٩٥؛ وفيما يلي ٤٦٥: ١.