للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتقوم طائفة من مردة هذه الأعوان، وبأيديهم المسالّ الطوال ذوات الأنصبة، فيصعدون إلى المراكب، وينخسون بمسالّهم جميع ما فيها من الأحمال والغرائر، مخافة أن يكون فيها شيء من بضاعة أو مال، فيبالغون في البحث والاستقصاء، بحيث يقبح ويستشنع فعلهم. ويقف الحجّاج بين يدي هؤلاء الأعوان مواقف خزي ومهانة، لما يصدر منهم عند تفتيش أوساطهم وغرائر أزوادهم، ويحل بهم من العسف وسوء المعاملة ما لا يوصف، وكذلك يفعل في جميع أرض مصر منذ عهد السّلطان صلاح الدين يوسف (a) بن أيّوب (١).

ثم لمّا كانت سلطنة الملك الكامل ناصر الدّين محمد بن العادل أبي بكر بن أيّوب بن شاذي (a)، أخرج من زكاة الأموال التي كانت تجبى من الناس سهمي الفقراء والمساكين وأمر بصرفهما في مصارفهما الشّرعية، ورتّب من جملة هذين السّهمين معاليم للفقهاء والصّلحاء وأهل الخير تجرى عليهم، فاستحسن ذلك من فعله (٢).

وأمّا الثّغور: فهي دمياط، وتنّيس، ورشيد، وعيذاب، وأسوان، والإسكندرية - وهي أعظمها قدرا - فإنّه كان فيها عدّة جهات منها «الخمس» و «المتجر» (٣).

ف «الخمس» ما يستأدى من تجّار الرّوم الواردين في البحر عمّا معهم من البضائع للمتجر بمقتضى ما صولحوا عليه، وربّما بلغ ما يستخرج منهم عما قيمته مائة دينار ما يناهز (b) خمسة وثلاثون دينارا، وربّما انحطّ عن عشرين دينارا. ويسمّى كلاهما «خمسا». ومن أجناس الرّوم من يؤخذ منهم العشر، ولذلك ضرائب مقرّرة (٤).


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق مائتان.
(١) هذا وصف ابن جبير لما كان يتم في ميناء الإسكندرية مع الحجّاج والتّجار على السواء (الرحلة ١٣ - ١٤، ٣٩).
(٢) واضح أن هذا الخبر كان في طيّارة بين نسخة المقريزي ونقلها بعض النّسّاخ دون أن يعرف مكانها فجاءت في النسخ التي اعتمدت عليها نشرة بولاق في وسط الخبر المنسوب إلى الملك العزيز عثمان في الصفحة السابقة سطر ١٠.
(٣) ابن ممّاتي: قوانين الدواوين ٣٢٥.
(٤) كانت العادة أن يجبى من التجار غير المسلمين الوافدين إلى دار الإسلام «العشر» من قيمة بضائعهم، وأباح الإمام الشافعي للحاكم أن يزيد هذه النسبة إلى الخمس أو ينقصها إلى نصف العشر أو يزيلها نهائيّا (القلقشندي: صبح الأعشى ٤٥٩: ٣)؛ وعن ما يستأدى من تجار الروم أو الخمس الرومي راجع، المخزومي: المنهاج ٢٢ - ٢٩، ٤٥ - ٤٦، ٤٩؛ ابن ممّاتي: قوانين الدواوين ٣٢٦، النويري: نهاية