للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليكتب إلى من أمره. فكتب إليه: لا تنزله حتى أبعث إليك ضمناء يحضرونه. فبعث إليه رجالا أمناء حتى أنزل من الحشفة، فوجدوا عينيه ياقوتتين حمراوين ليس لهما قيمة، فضربه فلوسا، فانطلقت الحيتان فلم ترجع إلى ما هنالك.

وأمّا «الزّكاة» (١) فإن السّلطان صلاح الدين يوسف بن أيّوب أوّل من جباها بمصر، قال القاضي الفاضل في «متجدّدات» سنة سبع وستين وخمس مائة: ثالث عشر ربيع الآخر فرّقت الزّكوات، بعد ما جمعت، على الفقراء والمساكين وأبناء السّبيل والغارمين، بعد أن رفع إلى بيت المال السّهام الأربعة، وهي: سهام العاملين، والمؤلّفة وفي سبيل اللّه وفي الرّقاب، وقرّرت لهم فريضة، واستؤدي على الأموال والبضائع، وعلى ما يتقرّر عليه من المواشي والنّخل والخضراوات.

قال: والذي انعقد عليه ارتفاع الجوالي لسنة سبع وثمانين وخمس مائة: [مائة ألف و] (a) ثلاثون ألف دينار. والزّائد في معاملة الزّكاة ودار الضّرب لسنتي ستّ وسبع وثمانين وخمس مائة: أحد وعشرون ألف دينار وثمان مائة وأحد وستون دينارا.

وقال في سنة ثمان وثمانين: واستخدم ابن حمدان في ديوان الزّكاة، وكتب خطّه بما مبلغه اثنان وخمسون ألف دينار لسنة واحدة من مال الزّكاة، وجعل الطّواشي (٢) قراغش الشّاد في هذا المال وألاّ يتصرّف فيه، بل يكون في صندوق مودعا للمهمّات التي يؤمر بها.


(a) زيادة من السلوك.
(١) الزّكاة هي الصّدقة التي لا يجب على المسلم في ماله حقّ سواها، وهي تجب في الأموال المرصدة للنماء والتي حال عليها الحول. وينقسم هذا المال من وجهة نظر الفقه الإسلامي إلى: مال ظاهر يشمل الزروع والثمار والمواشي، ومال باطن يشمل الذهب والفضة وعروض التجارة؛ ويختص نظر والي الصّدقات فقط بزكاة الأموال الظاهرة، أمّا زكاة المال الباطن فأربابه أحق بزكاته (الماوردي: الأحكام السلطانية ٩٨ - ١٠١). وحدّد المخزومي وابن ممّاتي في جدول جامع ما تجب فيه الزكاة ومصارفها وما لا تجب فيه (المنهاج ٤٢ - ٤٣؛ قوانين الدواوين ٣٠٨ - ٣١٦)، مع ملاحظة أن مصرف الزّكاة منصوص عليه [الآية ٦٠ سورة التوبة] وليس للأئمة اجتهاد فيه.
وأصدر السلطان صلاح الدين سجلاّ في ربيع الأول سنة ٥٧٣ هـ/ ١١٧٧ م بإبطال جميع المكوس من الديار المصرية، أمر فيه بأن تستأدى الزكاة على الوجه الشرعي المأمور به من اللّه ﷿ (ساويرس بن المقفع: تاريخ بطاركة الكنيسة ٦٩: ٢/ ٣؛ وانظر نص السجل بإسقاط المكوس وتاريخه صفر سنة ٥٦٧ هـ/ ١١٧١ م عند أبي شامة: الروضتين ١/ ٤٤٣: ٢، ٥٢٢ - ٥٢٣).
(٢) عن معنى الطواشي انظر فيما تقدم ٢٣٢.