للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البوري، ونسب إليها جماعة من النّاس منهم بنو البوري. وقيل لهذا السّمك البوري إضافة إلى القرية المذكورة (١).

وقد بطل في زمننا اليوم أمر هذه المصايد، إلاّ من بحيرة نسترو بالبرلّس، وبحيرة تنّيس بدمياط فقط. وهاتان البحيرتان تجريان في ديوان الخاصّ، وهما مضمّنتان، وما يخرج منهما من البوري وغيره من أنواع السّمك فللسّلطان، لا يقدر أحد أن يتعرّض لصيد شيء منه إلاّ أن يكون من صيّاديهما القائمين بالضّمان. وما عدا هاتين البحيرتين من البرك والأملاق والخلجان فليست للسّلطان. وأمّا بحيرة إسكندرية فقد جفّت، وثغر أسوان فقد خرج عن يد السّلطنة، وتغلّب عليه أولاد الكنز (a).

وثمّ برك بأيدي أقوام، كبركة الفيل بيد أولاد الملك الظّاهر بيبرس، وبركة الرّطلي بيد أولاد الأمير بكتمر الحاجب، وغير ذلك، فإنّ أسماكها مضمّنة لهم يبيعونها، ومع ذلك لا يمنع أحد الصّيد منهما.

وأمّا بحر النّيل فما صيد منه يحمل إلى دار السّمك بالقاهرة، فيباع ويؤخذ منه مكس السّلطان، إلاّ أنّ الأمير جمال الدين يوسف الأستادّار زاد فيما كان يؤخذ من الصّيّادين مكسا، ومن حينئذ قلّ السّمك بالقاهرة وغلا سعره.

وقال أبو سعيد عبد الرّحمن بن أحمد بن يونس في «تاريخ مصر»: إنّ صنما كان بالإسكندرية يقال له شراحيل، على حشفة من حشاف البحر، مستقبلا بأصبع من كفّه قسطنطينيّة، لا يدرى أكان ممّا عمله سليمان النّبيّ، أم عمله الإسكندر؟ فكانت الحيتان يدورون (b) بالإسكندرية وتصاد عندها فيما زعموا.

قال زيد بن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم: أخبرني أبي عن أبيه أنّه انبطح على بطنه ومدّ يديه ورجليه، فكان طوله طول قدم الصّنم. فكتب رجل يقال له أسامة بن زيد، كان عاملا على مصر للوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين: أنّ عندنا بالإسكندرية صنما، يقال له شراحيل، من نحاس، وقد غلت علينا الفلوس، فإن رأى أمير المؤمنين أن ينزله ونضربه فلوسا فعل، وإن رأى غير ذلك


(a) بولاق: الكفرة.
(b) بولاق: تدور.
(١) النويري: نهاية الأرب ٢٦٢: ٨ - ٢٦٤؛ وانظر فيما يلي ٤٩٢.