للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطّشتخاناه السّلطانية من أوباش الناس.

ومن ذلك «شدّ الزّعماء» وهي جهة مفردة، وحقوق السّودان وكشف المراكب، ومقرّر ما على كلّ جارية أو عبد حين نزولهم بالخانات لعمل الفاحشة، فيؤخذ من كلّ ذكر وأنثى مقرّر معيّن.

و «متوفّر الجراريف»، وهو ما يجبى من سائر النّواحي، فيحمل ذلك مهندسو البلاد إلى بيت المال بإعانة الولاة لهم في تحصيل ذلك. وعلى هذه الجهة عدّة مقطعين من الجند.

و «مقرّر المشاعليّة» وهو عبارة عمّا يؤخذ عن كسح الأقنية وحمل ما يخرج منها من الوسخ إلى الكيمان، فكان إذا امتلأ سرب (a)) حمّام أو مسمط أو (a) جامع أو مدرسة أو تربة أو منزل من منازل سائر النّاس، لا يمكنه - ولو بلغ من العظمة ما عسى أن يبلغ - التعرّض لذلك حتى يأتيه ضامن الجهة ويقاوله على كسح ذلك بما يريد. وكان من عادة الضّامن الإشطاط في السّوم، وطلب أضعاف القيمة، فإن لم يرض ربّ المنزل بما طلب الضّامن وإلاّ تركه وانصرف، فلا يقدر على مقاساة ترك الوسخ ويضطرّ إلى سؤاله ثانيا، فيعظم تحكّمه ويشتدّ بأسه إلى أن يرضيه بما يختار حتى يتمكّن من كسح قناته (b) ورفع ما هنالك من الأقذار (١).

ومن ذلك «إبطال المباشرين من النّواحي» وكانت بلاد مصر كلّها، من الوجهين القبلي/ والبحري، ما من بلد صغير وكبير إلاّ وفيه عدّة من كتّاب وشادّ ونحو ذلك، فأبطل السّلطان المباشرين، وتقدّم بمنعهم من مباشرة النّواحي إلاّ من بلد فيها مال للسّلطان فقط، فأراح اللّه سبحانه الخلق بإبطال هذه الجهات من بلاء لا يقدّر قدره ولا يمكن وصفه (٢).

ولمّا أبطل السّلطان هذه الجهات، وفرغ من تعيين إقطاعات الأمراء وأخباز الأجناد (c)، أفرز لخاصّ السّلطان من بلاد أرض مصر عدّة نواح ممّا كان في إقطاعات البرجيّة، وهي الجيزة وأعمالها وهو والكوم الأحمر ومنفلوط والمرج والخصوص، وغير ذلك ممّا بلغ عشرة قراريط من الإقليم، وصار لإقطاعات الأمراء والأجناد وغيرهم أربعة عشر قيراطا.

ومكر الأقباط فيما أمكنهم المكر فيه، فبدأوا بأن أضعفوا عسكر مصر، ففرّقوا الإقطاع الواحد


(a-a)) ساقط من بولاق.
(b) بولاق: فنائه.
(c) بولاق: الإقطاعات للأمراء والأجناد.
(١) المقريزي: مسودة المواعظ ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٢) النويري: نهاية الأرب ٢٢٧: ٣٢ - ٢٢٩؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ٦٩: ٢؛ المقريزي: السلوك ١٥٠: ٢ - ١٥٤؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٥: ٩ - ٤٨.