للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والبحري، فكان على كلّ من الولاة والمقدّمين مقرّر يحمل في كلّ قسط من أقساط السّنة إلى بيت المال، عن ثمن حياصة ثلاث مائة درهم، وعن ثمن نعل (b) خمس مائة درهم، وعلى هذه الجهة عدّة مقطعين ويفضل منها ما يحمل. وكان يصيب الناس من هذه الجهة ما لا يوصف، ويحلّ بهم من عسف الرّقّاصين ما يهون معه الموت.

ومن ذلك «مقرّر السّجون» (c) وهو عبارة عمّا يؤخذ من كلّ من يسجن، فللسّجّان على حكم المقرّر ستة دراهم سوى كلف أخرى، وعلى هذه الجهة عدّة مقطعين، ويرغب فيها الضّمّان ويتزايدون في مبلغ ضمانها لكثرة ما يتحصّل منها، فإنّه لو كان تخاصم رجل مع امرأته أو ابنه رفعه الوالي إلى السّجن، فبمجرّد ما يدخل السّجن - ولو لم يقم به إلاّ لحظة واحدة - أخذ منه المقرّر، وكذلك كان على سجن القضاة أيضا.

ومن ذلك «مقرّر طرح الفراريج» ولها ضمّان عدّة، في سائر نواحي أرض مصر، يطرحون على الناس الفراريج، فيمرّ بضعفاء الناس من ذلك بلاء عظيم، وتقاسي الأرامل من العسف والظّلم شيئا نكرا (d). وكان على هذه الجهة عدّة مقطعين، ولا يمكّن أحد من الناس في جميع الأقاليم أن يشتري فرّوجا فما فوقه إلاّ من الضّامن، ومن عثر عليه أنّه اشترى أو باع فرّوجا من سوى الضّامن جاءه الموت من كلّ مكان وما هو بميّت.

ومن ذلك «مقرّر الفرسان» وهو عبارة عمّا يجبيه ولاة النّواحي من سائر البلاد، فلا يؤخذ درهم مقرّر حتى يغرم عليه صاحبه درهمين، ويقاسي الناس فيه أهوالا صعبة.

ومن ذلك «مقرّر الأقصاب والمعاصر» وهو ما يجبى من مزارعي قصب السّكّر ومن المعاصر ورجال المعاصر.

ومن ذلك «مقرّر رسوم الأفراح» ويجبى من سائر النّواحي، ولهذه الجهة عدّة ضمّان، ولا يعرف لهذه الجهة أصل ألبتّة، وإنّما يجبى بضرائب ينال الناس فيها مع المقرّر غرامات وروعات.

ومن ذلك «حماية المراكب»، وهي عبارة عمّا يؤخذ من كلّ مركب بتقرير معيّن يعرف ب «مقرّر الحماية»، وكانت هذه الجهة أشدّ ما ظلم به الناس، فيؤخذ من كلّ من ركب البحر للسّفر، حتى من السّؤّال والمكدّفين.

ومن ذلك «حقوق القينات»، وهو عبارة عمّا يجمع من الفواحش والمنكرات، فيجبيه مهتار a بولاق: البغال.


(b) بولاق: بغل.
(c) الأصل: مقرر الموت!
(d) بولاق: كثيرا.