للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يحضر مجلسه من الجند إلاّ الأعيان أو من دعته ضرورة إلى الحضور، والنّدماء والمغاني يحضرون بالنّوبة، وكذلك الدّبيران والأطبّاء ونحوهم لكلّ طائفة نوبة تحضر فيها للخدمة، والشّعراء تحضر في العيدين والمواسم وأوّل شهر رمضان، وإذا تجدّد نصر على عدوّ أو فتوح ونحو ذلك ممّا يهنّى به السّلطان.

وأمور الجند والعامّة مرجعها إلى أمريت، وأمر القضاة كلّهم مرجعه إلى صدر جهان، وأمر الفقهاء إلى شيخ الإسلام، وأمر الواردين والوافدين والأدباء والشّعراء إلى الدّبيران، وهم كتّاب السّرّ.

وجهّز هذا السّلطان مرّة أحد كتّاب سرّه إلى السّلطان أبي سعيد رسولا، وبعث معه ألف ألف تنكة ليتصدّق بها في مشاهد العراق. فقدم بغداد وقد مات أبو سعيد ومعه خمس مائة فرس.

وكان هذا السّلطان ترعد الفرائص لمهابته وتزلزل الأرض لموكبه: يجلس بنفسه لإنصاف رعيّته ولقراءة القصص عليه جلوسا عامّا، ولا يدخل أحد عليه ومعه سلاح ولو السّكّين، ويجلس وعنده سلاح كامل لا يفارقه أبدا.

وإذا ركب للحرب فلا يمكن وصف هيبته، وله أعلام سود في أوساطها تنانين من ذهب تسير عن يمينه، وأعلام حمر فيها تنانين من ذهب تسير عن يساره، ومعه مائتا جمل نقّارات، وأربعون جملا كوسات كبارا وعشرون بوقا، وعشرة صنوج، ويدقّ له خمس نوب كلّ يوم.

وإذا خرج إلى الصّيد كان في خفّ [من اللّباس] (١)، وعدّة من معه زيادة على مائة ألف فارس مائتي فيل، أربعة قصور خشب على ثمان مائة جمل، كلّ قصر منها على مائتي جمل كلّها ملبّسة حريرا مذهّبا، كلّ قصر طبقتان سوى الخيم، والخركاوات.

وإذا انتقل من مكان إلى مكان للنّزهة يكون معه نحو ثلاثين ألف فارس، وألف جنيب مسرجة ملجمة بالذّهب المرصّع بالجوهر والياقوت. وإذا خرج في قصره من موضع إلى آخر، يمرّ راكبا وعلى رأسه الجتر والسّلاح داريّة وراءه بأيديهم السّلاح، وحوله نحو اثني عشر ألف مملوك مشاة، لا يركب منهم إلاّ حامل الجتر والسّلاح دارية والجمدارية حملة القماش.


(١) زيادة من مسالك الأبصار وصبح الأعشى.