للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويرى أستاذي البروفيسير جان كلود جارسان J-Cl.Garcin، في نقاش طويل دار بيننا، أنّ المجلّد الرّابع من «المواعظ» والمشتمل على ذكر المساجد الجامعة والمدارس والخوانك والمارستانات … إلخ، أضافه المقريزي في آخر حياته لأنّه لم يرد في فهرست الموضوعات الذي أورده في مقدّمة الكتاب [٨: ١]، وأنّه كتب قسما كبيرا منه على عجل، ففي الوقت الذي جاء فيه «المدخل» الذي قدّم به لذكر المساجد الجامعة موضوعيّا ومنظّما [٣: ٤ - ٦]، فإنّه لم يلتزم بهذا التنظيم دائما في أثناء كتابة هذا المجلّد.

ولا شكّ عندي أنّ ما ورد في المجلّد الرّابع هو تتمّة للجزء الخامس من تقسيم المؤلّف الذي ذكر فيه «ما أدرك عليه القاهرة وظواهرها من الأحوال» [فيما تقدم ٣٣: ٤ *- ٣٤ *]، ولكن نظرا لضخامة مادّة هذا الفصل الذي خصّصه للمساجد الجامعة والمدارس والخوانك … إلخ، مقارنة بما كتبه عن «الدّور» و «الحمّامات» و «القياسر» و «القناطر» على سبيل المثال، فضّل المقريزي أن يختم المجلّد الثّالث بالجزء السّادس الذي ذكر فيه «قلعة الجبل»، وأن يفرد الجوامع والمدارس والخوانك والمارستانات والقرافة وكنائس اليهود وأديرة النّصارى بما تخلّلها من الدّراسات الخاصّة التي كتبها المقريزي عن «أصل المحاريب» و «تطوّر الأذان»، و «مذاهب أهل مصر» و «تاريخ اليهود» و «قبط مصر وتاريخ الكنيسة وأسماء البطاركة»، إضافة إلى ما كتبه عن «واقعة الكنائس» [١٠٦٦: ٤ - ١٠٧٦] و «الحريق بالقاهرة ومصر» [١٠٧٠: ٤ - ١٠٧٦] بمجلّد مستقلّ، خاصّة وأنّ القسم الأكبر من مادّة هذا المجلّد موجود بالفعل في «المسوّدة» الثّانية التي كتبها دون شك قبل نهاية العقد الثّالث من القرن التاسع الهجري. وتكون الإضافة الوحيدة لمادّة هذا الجزء هي ما ذكره - في إلحاق أو طيّارة - في ختام ذكره للمساجد الجامعة [٣٥٤: ٤ - ٣٦٠] عن الجوامع التي استجدّت، وهي غير مذكورة في المدخل الموضوعي الذي قدّم به للكلام على المساجد الجامعة.

أمّا مدى إحاطة المقريزي بمعالم القاهرة وآثارها حتى عصره، فلا شك أنّ المقريزي كان يعرف خطط القاهرة ومعالمها ويقرأها كما لو كانت مكتوبة في كفّ يده، بدليل ما أشار إليه من معالم في كتبه الأخرى، على الأخصّ الجزء الرّابع من «السّلوك» و «درر العقود الفريدة»، ولا توجد في «الخطط» [فيما تقدم ١٥٠: ٤ *]، وأشار هو بنفسه إلى ذلك في تضاعيف كتابه، فعند ذكره لأخطاط القاهرة قال: «ولا بد من إيراد ما تيسّر منها» [فيما تقدم ٦٩: ٣]، وعند ذكره للخوخ قال:

«والقصد إيراد ما هو مشهور من الخوخ أو لذكره فائدة، وإلاّ فالخوخ والدّروب والأزقّة كثيرة جدّا» [فيما تقدم ١٠٨: ٣، ١٤٠]، وقال عند ذكره للرّحاب: «والرّحاب كثيرة والغرض ذكر ما فيه فائدة»