خلصت في هذه الدّراسة إلى أنّ المقريزي كتب القسم الأكبر من كتابه في عهد السّلطان المؤيّد شيخ المحمودي (٨١٥ - ٨٢٤ هـ/ ١٤١٢ - ١٤٢١ م)[فيما تقدم ٢٥٥: ١، ٥١٠]، وفرغ من تأليف الكتاب قبل مجاورته بمكّة بين سنتي ٨٣٤ و ٨٣٩ هـ، وأنّه بعد عودته من مكّة سنة ٨٣٩ هـ/ ١٤٣٥ م وجد العديد من العمائر التي تجدّدت في فترة تغيّبه عن مصر فأضافها على نسخته في إلحاقات وطيّارات بين صفحات النّسخة (مثلما نجد في الجزء الأوّل من نسخة «السّلوك» التي وصلت إلينا بخطّه والتي تشتمل على العديد من الطّيّارات التي ذكر فيها وفيات عدد من الأعيان وبعض الحوادث التاريخية التي أثبتها النّساخ في مواضعها في النّسخ المنقولة من أصل المقريزي، وفي الجزء الأوّل من «اتّعاظ الحنفا» المكتوب بخطّ المقريزي والمحفوظ في مكتبة غوطا بألمانيا، وكذلك النّسخة الكاملة من الكتاب المحفوظة في مكتبة أحمد الثّالث بإستانبول والمنقولة من أصل المقريزي المكتوب بخطّه والمليئة هي الأخرى بالإلحاقات والطّيّارات التي وجدت في الأصل الذي نقلت منه. وتاريخ تأليف هذه الكتب والأجزاء سابق على تاريخ الانتهاء من تأليف الخطط).
ولم ينشغل المقريزي بعد عودته من المجاورة بمكّة إلاّ بتأليف وتحرير رسائله الصّغيرة [فيما تقدم ٦٤: ٢ *- ٦٧ *] واستكمال الجزء الرّابع من كتاب «السّلوك» الذي انتهى فيه إلى حوادث آخر ذي الحجّة سنة ٨٤٤ هـ (مايو ١٤٤١ م)، وكتاب «الخبر عن البشر» الذي وصلت إلينا منه نسخة بخطّ المقريزي autographe فرغ من كتابة الجزء الثّالث منها، المحفوظ بمكتبة الفاتح بإستانبول برقم ٤٣٣٨، «في يوم الأربعاء لخمس بقين من ذي الحجّة الحرام خاتم شهور سنة أربع وأربعين وثمان مائة»، وكتاب «درر العقود الفريدة» الذي وصل بتراجمه إلى وفيات ذي الحجّة سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة.
فتكون جميع الإضافات والتّواريخ المتأخّرة الموجودة في كتاب «المواعظ والاعتبار» - وجميعها في المجلّد الرّابع - إضافات أضافها المقريزي في شكل إلحاقات وطيّارات على نسخته الخاصّة (مثل تلك التي أشرت إليها منذ قليل في نسخته من «اتّعاظ الحنفا» و «السّلوك»، ووضعها النّسّاخ - فيما بعد - في مواضع الإلحاق التي حدّدها المقريزي في نسخته)، وخير دليل على ذلك التاريخ الذي أضافه المقريزي في آخر خبر دير المغطّس عن هدم الدّير في شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وثمان مائة [فيما تقدم ١٥: ١٠٤٩: ٤] في أثناء تحرير حوادث هذه السّنة في «السّلوك»، حيث أورد خبر هدم هذا الدّير وأردفه بقوله:«وقد بسطت الكلام على هذا عند ذكر الكنائس والدّيارات من كتاب «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار»[السلوك ١٠٣٤: ٤].