ومن ذهب إلى هذا الحديث، ذهب إلى أنّ مصر فتحت عنوة.
وعن يزيد بن أبي حبيب قال: قال عمر بن عبد العزيز: أيّما ذمّي أسلم فإنّ إسلامه يحرز له نفسه وماله، وما كان من أرض فإنّها من فيء اللّه على المسلمين؛ وأيّما قوم صالحوا على جزية يعطونها، فمن أسلم منهم كانت داره وأرضه لبقيّتهم.
وقال اللّيث: كتب إليّ يحيى بن سعيد أنّ ما باع القبط في جزيتهم، وما يؤخذون به من الحقّ الذي عليهم - من عبد، أو وليدة، أو بعير، أو بقرة، أو دابّة - فإنّ ذلك جائز عليهم. فمن ابتاعه منهم، فهو غير مردود عليهم إن أيسروا، وما أكروا من أرضهم فجائز كراؤه، إلاّ أن يكون يضرّ بالجزية التي عليهم، فلعلّ الأرض أن ترّدّ عليهم إن أضرّت بجزيتهم، وإن كان فضلا بعد الجزية فإنّا نرى كراءها جائزا لمن كراها (a) منهم (١).
قال يحيى: فنحن نقول: الجزية جزيتان: جزية على رؤوس الرّجال، وجزية جملة تكون على أهل القرية يؤخذ بها أهل القرية. فمن هلك من أهل القرية التي عليهم جزية مسمّاة على القرية ليست على رؤوس الرّجال، فإنّا نرى أنّ من هلك من أهل القرية ممّن لا ولد له ولا وارث أنّ أرضه ترجع إلى قريته في جملة ما عليهم من الجزية، ومن هلك ممّن جزيته على رؤوس الرّجال، ولم يدع وارثا، فإنّ أرضه للمسلمين.
وقال اللّيث عن عمر بن عبد العزيز: الجزية على الرّؤوس وليست على الأرضين، يريد أهل الذّمّة.
(a) بولاق: تكراها. (١) الجزية، ويطلق عليها في مصر أيضا الجالية ج. الجوالي، الضريبة الموضوعة على الرءوس على الذّمّيين، تؤخذ طالما ظلّ الكتابيّ على عقيدته وتسقط بدخوله الإسلام. وهي واجبة على أهل الذّمّة الأحرار البالغين دون النساء والصبيان والرهبان والعبيد والمجانين، وكانت تجبى متى بلغ الصبي سن التاسعة. وكانت الجزية في العصر الفاطمي على ثلاث طبقات: من الغني أربع دنانير وسدس، ومن المتوسط ديناران وقيراطان، ومن الفقير دينار واحد وثلث وربع وحبتان أي دينار و ٥/ ٨. والجزية تجب بحلول الحول، أي أنها تستأدى مسانهة بعد انقضاء السنة بالشهور الهلالية، وتستخرج عادة في مصر في شهر المحرم. (راجع، المخزومي: المنهاج ٣٤، ٣٥؛ ابن مماتي: قوانين الدواوين ٣١٧؛ النويري: نهاية الأرب ٢٣٤: ٨ - ٢٤٥؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٤٥٨: ٣؛ Cahen، Cl.، El ٢? art.Djawa? li? II، l.p. id.، El ٢? art.Djizia II، pp. ٥٧٣ - ٧٦; ٥٠٢؛ أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٥٢٢ - ٥٢٧؛ وانظر فيما يلي ٢٨٨، ٤٩٢: ٢ - ٤٩٣). وقيل لأهل الذمة الجالية لأن عمر بن الخطّاب أجلاهم عن جزيرة العرب فسمّوا جالية، ولزمهم هذا الاسم أين حلّوا، ثم لزم من لزمته الجزية من أهل الكتاب بكل بلد وإن لم يجلوا عن أوطانهم (ابن منظور: لسان العرب ١٦٢: ١٨).