للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتلقّونه من حسابهم مكايد الأعداء، واعتلّوا لجواز العمل بالحساب، ونيابته عن العمل بالرّؤية، بعلل ذكروها. فعمل أصحاب الحساب لهم الأدوار، وعلّموهم استخراج الاجتماعات ورؤية الهلال (١).

وأنكر بعض الرّبّانيّة حديث الرّقباء ورفعهم الدّخان، وزعموا أنّ سبب استخراج هذا الحساب هو أنّ علماءهم علموا أنّ آخر أمرهم إلى الشّتات، فخافوا إذا تفرّقوا في الأقطار، وعوّلوا على الرّؤية، أن تختلف عليهم في البلدان المختلفة، فيتشاجروا، فلذلك استخرجوا هذه الحسبانات، واعتنى بها إليعازر بن فروح، وأمروهم بالتزامها والرّجوع إليها حيث كانوا (٢).

والفرقة الثّانية هم المباديّة (a) الذين يعملون (b) مبادئ الشّهور من الاجتماع (c)، ويسمّون القرّاء والأشمعيّة، لأنّهم يراعون العمل بالنصوص دون الالتفات إلى النظر والقياس (٣).

ولم يزالوا على ذلك إلى أن قدم عانان رأس الجالوت من بلاد المشرق، في نحو الأربعين ومائة من الهجرة، إلى دار السّلام بالعراق، فاستعمل الشّهور برؤية الأهلّة، على مثل ما شرع في الإسلام، ولم يبال/ أيّ يوم وقع من الأسبوع، وترك حساب الرّبّانيين، وكبس الشّهور بأن نظر كلّ سنة إلى زرع الشّعير بنواحي العراق والشّام، فيما بين أوّل شهر نيسن إلى أن يمضي منه أربعة عشر يوما، فإن وجد باكورة تصلح للفريك والحصاد ترك السّنة بسيطة، وإن وجدها لم تصلح لذلك كبسها حينئذ.

وتقدّمت المعرفة بهذه الحالة أنّ من أخذ برأيه يخرج لسبعة تبقى من شفط، فينظر بالشّام والبقاع المشابهة له في المزاج إلى زرع الشّعير، فإن وجد السّفا - وهو شوك السّنبل - قد طلع عدّ منه إلى الباسح (d) خمسين يوما، وإن لم يره طالعا كبسها بشهر: فبعضهم يردف الكبس بشفط، فيكون في السّنة شفط وشفط مرّتين، وبعضهم يردفه بآذر، فيكون آذر وآذر في السنة مرّتين.

وأكثر استعمال العانانية لشفط دون آذر، كما أنّ الرّبّانية تستعمل آذر دون غيره (٤).


(a) النسخ: الميلادية، وانظر فيما يلي ٤: ٩٥٥.
(b) بولاق: يعلمون.
(c) في الآثار الباقية: من عند الاجتماع.
(d) الآثار الباقية: الفصح.
(١) البيروني: الآثار الباقية ٥٧ - ٥٨.
(٢) نفسه ٥٨.
(٣) نفسه ٥٨؛ وفيما يلي ٩٥٥.
(٤) نفسه ٥٩.