فصل، فأتت به إلى ابنة فرعون، وسمّته «موسى»، وتبنّته ونشأ عندها (١).
وقيل بل أخذته امرأة فرعون، واسترضعت أمّه، ومنعت فرعون من قتله، إلى أن كبر وعظم شأنه، فردّ إليه فرعون كثيرا من أمره، وجعله من قوّاده - وكانت له سطوة - ثم وجّهه لغزو الكوثانيين (a)، وقد عاثوا في أطراف مصر، فخرج في جيش كثيف وأوقع بهم، فأظفره اللّه، وقتل منهم كثيرا وأسر كثيرا، وعاد غانما، فسرّ ذلك فرعون، وأعجب به هو وامرأته (٢). واستولى موسى، وهو غلام، على كثير من أمر فرعون، فأراد فرعون أن يستخلفه؛ حتّى قتل رجلا من أشراف القبط له قرابة من فرعون، فطلبه (٣).
وذلك أنّه خرج يوما يمشي في الناس - وله صولة بما كان له في بيت فرعون من المربى والرّضاع - فرأى عبرانيّا يضرب، فقتل المصري الذي ضربه ودفنه، وخرج يوما آخر فإذا برجلين من بني إسرائيل، وقد سطا أحدهما على الآخر، فزجره، فقال له: ومن جعل لك هذا؟ أتريد أن تقتلني كما قتلت المصري بالأمس (٤)؟ ونما الخبر إلى فرعون فطلبه، وألقى اللّه في نفسه الخوف لما يريد من كرامته، فخرج من منف، ولحق بمدين عند عقبة أيلة - وبنو مدين أمّة عظيمة، من بني إبراهيم ﵇ كانوا ساكنين هناك - وكان فراره وله من العمر أربعون سنة، فنزل عند يترون (b) (٥)، وهو شعيب ﵇ من ولد مدين بن إبراهيم، وكان من تزويجه ابنته، ورعايته غنمه، ما كان له، فأقام هنالك تسعا وثلاثين سنة، نكح فيها صفّوراء ابنة شعيب (٦). وبنو إسرائيل مع
(a) بولاق: اليونانيين. (b) بولاق: بيرون. (١) راجع الآيات ٧ - ١٤ سورة القصص؛ والتوراة، سفر الخروج ١/ ٢ - ١٠. (٢) يشير المؤرّخ اليهودي يوسفوس Josephus إلى أنّ موسى ﵇ تولّى قيادة حملة ضد الإثيوبيين في الجنوب وأنّه استولى على عاصمتهم سابا Saba - التي أطلق عليها قمبيز فيما بعد مروي Josephus IV، p.).Meroe. (٢٧٣ وقد حلّ اسم الكوثانيين عوضا عن الإثيوبيين في نصّ المقريزي، لأنّ العرب كانوا يشيرون إلى إثيوبيا باسم الحبشة فاختلط عليهم الاسم. (٣) النويري: نهاية الأرب ١٣٧: ١٥. (٤) راجع، الآيات ١٥ - ٢٠ سورة القصص؛ التوراة، سفر الخروج ١١/ ٢ - ١٥؛ سعيد بن البطريق: التاريخ المجموع ٢٩: ١، ونشرة Breydy ١؛ النويري: نهاية الأرب ١٨٣: ١٣ - ١٨٤. (٥) أطلقت عليه التوراة اسم راجل Raguel، وأطلق عليه يوسفوس Josephus جترو Jethro. (٦) الآيات ٢١ - ٢٨ سورة القصص؛ سعيد بن البطريق: التاريخ المجموع ٢٩: ١؛ النويري: نهاية الأرب ١٨٤: ١٣ - ١٨٦.