للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا قدمت السّيّدة نفيسة إلى مصر، مع زوجها إسحاق بن جعفر، نزلت بالممصوصة (a)، وكان بجوارها دار فيها قوم من أهل الذّمّة، ولهم ابنة مقعدة لم تمش قط. فلمّا كان في يوم من الأيّام، ذهب أهلها في حاجة من حوائجهم، وتركوا المقعدة عند السّيّدة نفيسة، فتوضّأت محراب مشهد السّيّدة نفيسة

وصبّت من فضل وضوئها على الصّبيّة المقعدة، وسمّت اللّه تعالى، فقامت تسعى على قدميها ليس بها بأس ألبتّة. فلمّا قدم أهلها وعاينوها تمشي، أتوا إلى السّيّدة نفيسة - وقد تيقّنوا أنّ مشي ابنتهم كان ببركة دعائها - وأسلموا بأجمعهم على يديها، فاشتهر بذلك بمصر، وعرف أنّه من بركاتها.

وتوقّف النيل عن الزّيادة في زمنها، فحضر الناس إليها، وشكوا إليها ما حصل من توقّف النيل، فدفعت قناعها إليهم، وقالت لهم: ألقوه في النيل، فألقوه فيه، فزاد حتى بلّغ اللّه به المنافع.

وأسر ابن لامرأة ذمّيّة في بلاد الرّوم، فأتت إلى السّيّدة نفيسة، وسألتها الدّعاء أن يردّ اللّه ابنها عليها. فلمّا كان الليل لم تشعر الذّمّيّة إلاّ بابنها وقد هجم عليها دارها، فسألته عن خبره، فقال: يا أمّاه لم أشعر إلاّ ويد قد وقعت على القيد الذي كان في رجلي، وقائل يقول: أطلقوه قد شفعت فيه نفيسة بنت الحسن، فو الذي يحلف به يا أمّاه، لقد كسر قيدي، وما شعرت بنفسي إلاّ وأنا واقف بباب هذه الدّار. فلمّا أصبحت الذّمّيّة، أتت إلى السّيّدة نفيسة، وقصّت عليها الخبر، وأسلمت هي وابنها، وحسن إسلامهما.


(a) بولاق: المنصوصة.