وتوفّيت السّيّدة نفيسة في شهر رمضان سنة ثمان ومائتين، (a) وقيل توفّيت أوّل يوم من رجب، وقد أقامت بمصر سبع سنين (a)، ودفنت في منزلها، وهو الموضع الذي به قبرها الآن، ويعرف بخطّ درب السّباع ودرب يزرب. وأراد إسحاق بن الصّادق - وهو زوجها - أن يحملها ليدفنها بالمدينة، فسأله أهل مصر أن يتركها، ويدفنها عندهم لأجل البركة.
وقبر السّيّدة نفيسة أحد المواضع المعروفة بإجابة الدّعاء بمصر، وهي أربعة مواضع: سجن نبيّ اللّه يوسف الصّدّيق ﵇، ومسجد موسى صلوات اللّه عليه وهو الذي بطرا، ومشهد السّيّدة نفيسة ﵂، والمخدع الذي على يسار المصلّى في قبلة مسجد الأقدام بالقرافة.
فهذه المواضع لم يزل المصريون، ممّن أصابته مصيبة أو لحقته فاقة أو جائحة، يمضون إلى أحدها، فيدعون اللّه تعالى، فيستجيب لهم، مجرّب ذلك. انتهى.
ويقال إنّها حفرت قبرها هذا، وقرأت فيه تسعين ومائة ختمة، وإنّها لمّا احتضرت خرجت من الدّنيا، وقد انتهت في حزبها إلى قوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنْ ما فِي اَلسَّماواتِ وَاَلْأَرْضِ قُلْ لِلّهِ، كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ اَلرَّحْمَةَ﴾ [الآية ١٢ سورة الأنعام]. ففاضت نفسها - رحمها اللّه تعالى - مع قوله ﴿اَلرَّحْمَةَ﴾.
ويقال إنّ الحسن بن زيد - والد السّيّدة نفيسة - كان مجاب الدّعوة ممدوحا، وإنّ شخصا وشى به إلى أبي جعفر المنصور أنّه يريد الخلافة/ لنفسه، فإنّه كان قد انتهت إليه رياسة بني حسن، فأحضره من المدينة، وسلبه ماله، ثم إنّه ظهر له كذب الناقل عنه، فمنّ عليه وردّه إلى المدينة مكرّما. فلمّا قدمها بعث إلى الذي وشى به بهديّة، ولم يعتبه على ما كان منه.
ويقال إنّه كان مجاب الدّعوة، فمرّت به امرأة، وهو في الأبطح، ومعها ابن لها على يدها، فاختطفه عقاب، فسألت الحسن بن زيد أن يدعو اللّه لها بردّه، فرفع يديه إلى السّماء ودعا ربّه، فإذا بالعقاب قد ألقى الصّغير من غير أن يضرّه بشيء، فأخذته أمّه.