للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ب «شيخ الشّيوخ»، (a) وما زال ينعت بذلك إلى أن بنى الناصر محمد بن قلاوون خانكاه سرياقوس فدعا شيخها بشيخ الشّيوخ (a) (١). واستمرّ ذلك بعده إلى أن كانت الحوادث والمحن منذ سنة ستّ وثمان مائة، واتّضعت الأحوال، وتلاشت الرّتب، تلقّب (b) كلّ شيخ خانكاه ب «شيخ الشّيوخ».

وكان سكّانها من الصّوفيّة يعرفون بالعلم والصّلاح، وترجى بركتهم. وولي مشيختها الأكابر والأعيان - كأولاد شيخ الشّيوخ ابن حمويه - مع ما كان لهم من الوزارة والإمارة، وتدبير الدّولة، وقيادة الجيوش، وتقدمة العساكر. ووليها ذو الرّياستين الوزير الصّاحب قاضي القضاة تقيّ الدّين عبد الرّحمن ابن ذي الرياستين الوزير الصّاحب قاضي القضاة تاج الدّين بن بنت الأعزّ (c) والشّيخ شمس الدّين الأيكي الصّوفي المشهور وغيرهما. وممّن تولاّها في عصرنا قاضي القضاة جلال الدّين جار اللّه الحنفي والشّيخ برهان الدّين إبراهيم الأبناسي الشّافعي والحافظ زين الدّين عبد الرّحيم العراقي وغيرهم. وممّن أقام بها ممّن شاهدناه من أهل الخير والصّلاح الشّيخ محمد العجمي المعروف ب «صائم الدّهر»، فإنّه أقام بها ما يقارب ثلاثين سنة وكان يصوم الدّهر ويفطر كلّ ليلة على حمّص مسلوق بلا زيت إلى أن توفي إلى رحمة اللّه تعالى. ومن مشايخ القرآن شيخنا فخر الدّين البلبيسي إمام الجامع الأزهر وغيره (c). ونزل بها الأكابر من الصّوفية.

وأخبرني الشّيخ أحمد بن عليّ القصّار (٢) أنّه أدرك الناس في يوم الجمعة يأتون من مصر إلى القاهرة، ليشاهدوا صوفيّة خانقاه سعيد السّعداء، عندما يتوجّهون منها إلى صلاة الجمعة بالجامع الحاكمي، كي تحصل لهم البركة والخير بمشاهدتهم.

وكان لهم في يوم الجمعة هيئة فاضلة، وذلك أنّه يخرج شيخ الخانقاه منها، وبين يديه خدّام الرّبعة الشّريفة - قد حملت على رأس أكبرهم - والصّوفيّة مشاة بسكون وخفر إلى باب الجامع


(a) (a-a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: فلقب.
(c) (c-c) اكتفى المقريزي في المبيضة بقوله: وجماعة من الأعيان، والعبارة المثبتة من المسوّدة. -؛ ٢١ - ٢٥، ١١٩ - ٢١ عاصم محمد رزق: خانقاوات الصوفية في مصر ١٢٧: ١ - ١٥٨، أطلس العمارة الإسلامية ٧٣٥: ١ - ٧٥٢؛ Sylvie Denoix El ٢ art.Sa؟ id al-. (Su؟ ada'VIII، pp. ٨٩١ - ٩٢
(١) انظر فيما يلي ٧٦٨.
(٢) الشيخ أحمد بن علي بن عبد اللّه التّميمي القصّار، برع في علم التّصوّف ومال إلى مذهب أهل الظّاهر، وتوفي سنة ٨٠٠ هـ/ ١٣٩٧ م، قال المقريزي: «صحبته سنين ونفعني اللّه به نفعا كثيرا». (درر العقود الفريدة ٢٠٦: ١ - ٢٠٧).