للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خليج المنهى وخليج الفيّوم وخليج سردوس وخليج سخا (١).

قال: والمعمول عليه في وقتنا هذا - وهو سنة خمس وأربعين وثلاث مائة - أنّه إن زاد على الستّ عشرة ذراعا أو نقص عنها، نقص من خراج السّلطان (٢).

وقد تغيّر في زماننا هذا عامّة ما تقدّم ذكره، لفساد حال الجسور والتّرع والخلجان؛ وقانونه اليوم أنّه يزيد في القيظ إذا حلّت الشّمس برج السّرطان والأسد والسّنبلة حين تنقص عامّة الأنهار التي في المعمور، ولذلك قيل إنّ الأنهار تمدّه بمائها عند غيضها فتكون زيادته.

وتبتدئ الزّيادة من خامس بئونة، وتظهر في ثاني عشره، وأوّل دفعه في الثاني من أبيب، وتنتهي زيادته في ثامن بابة، ويأخذ في النّقصان من العشرين منه، فتكون مدّة زيادته - من ابتدائها إلى أن ينقص - ثلاثة أشهر وخمسة وعشرين يوما، وهي أبيب ومسرى وتوت وعشرون يوما من بابة، ومدّة مكثه بعد انتهاء زيادته اثنا عشر يوما، ثم يأخذ في النّقصان.

ومن العادة أن ينادى عليه دائما في اليوم السابع والعشرين من بئونة بعدما يؤخذ قاعه، وهو ما بقي من الماء القديم، في ثالث عشر بئونة، ويفتح الخليج الكبير إذا أكمل الماء ستة عشر ذراعا.

وأدركت الناس يقولون: نعوذ باللّه من أصبع من عشرين. وكنّا نعهد الماء إذا بلغ أصابع من عشرين ذراعا، فاض ماء النّيل، وغرّق الضّياع والبساتين، وفارت البلاليع. وها نحن في زمن، منذ كانت الحوادث بعد سنة ستّ وثمان مائة، إذا بلغ الماء في سنة أصبعا من عشرين لا يعمّ الأرض كلّها لما قد فسد من الجسور، وكان إلى ما بعد الخمس مائة من الهجرة قانون النّيل ستة عشر ذراعا في مقياس الجزيرة، وهي في الحقيقة ثمانية عشر ذراعا.

وكانوا يقولون: إذا زاد على ذلك ذراعا واحدة زاد خراج مصر مائة ألف دينار لما يروي من الأراضي العالية، فإن بلغ ثمانية عشر ذراعا كانت الغاية القصوى، فإنّ الثمانية عشر ذراعا في مقياس الجزيرة اثنان وعشرون ذراعا في الصّعيد الأعلى، فإن زاد على الثمانية عشر ذراعا واحدا، نقص من الخراج مائة ألف دينار، لما يستبحر من الأرض المنخفضة.

قال ابن ميسّر (٣) في حوادث سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة: وفيها بلغت زيادة ماء النّيل تسعة عشر ذراعا وأربعة أصابع، وبلغ الماء الباب الجديد أوّل الشّارع خارج القاهرة، وكان الناس


(١) المسعودي: مروج الذهب ٧١: ٢.
(٢) المسعودي: التنبيه والإشراف ٢٢.
(٣) تاج الدين أبو عبد اللّه محمد بن عليّ بن يوسف بن جلب راغب المعروف بابن ميسّر، مؤرخ مصري عاش -