للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هارون الرّشيد، قدّرها بذراع خادم أسود كان على رأسه قائما، وهي التي تتعامل الناس بها في ذرع البزّ والتجارة والأبنية وقياس نيل مصر (١).

وأكثر ما وجد في القياس من النّقصان سنة سبع وتسعين ومائة، وجد في المقياس تسعة أذرع وأحد وعشرون أصبعا. وأقلّ ما وجد منه سنة خمس وستين ومائة، فإنّه وجد فيه ذراع واحد وعشر أصابع. وأكثر ما بلغ في الزّيادة سنة تسع وتسعين ومائة، فإنّه بلغ ثمانية عشر ذراعا وتسعة عشر أصبعا. وأقلّ ما كان في سنة ستّ وخمسين وثلاث مائة الهلالية، فإنّه بلغ اثني عشر ذراعا وتسع عشرة أصبعا، وهي أيّام كافور الإخشيدي.

والمقياس عمود رخام أبيض مثمّن، في موضع ينحصر فيه الماء عند انسيابه إليه، وهذا العمود مفصّل على اثنين وعشرين ذراعا كلّ ذراع مفصّل على أربعة وعشرين قسما متساوية تعرف بالأصابع، ما عدا الاثني عشر ذراعا الأولى فإنّها مفصّلة على ثمان وعشرين أصبعا كلّ ذراع.

وقال المسعوديّ: قالت الهند: زيادة النّيل ونقصانه بالسّيول، ونحن نعرف ذلك بتوالي الأنواء وكثرة الأمطار [وركود السّحاب] (a)؛ وقالت الرّوم: لم يزد قطّ ولم ينقص، وإنّما زيادته ونقصانه من عيون كثرت واتّصلت. وقالت القبط: زيادته ونقصانه من عيون في شاطئه يراها من سافر ولحق بأعاليه. وقيل لم يزد قط، وإنّما زيادته بريح الشّمال، إذا كثرت واتّصلت تحبسه، فيفيض على وجه الأرض (٢).

وقال قوم: سبب زيادته هبوب ريح تسمّى ريح الملثن (b)، وذلك أنّها تحمل السحاب الماطر من خلف خطّ الاستواء، فيمطر ببلاد السّودان والحبشة والنّوبة، فيأتي مدده إلى أرض مصر بزيادة النّيل. ومع ذلك فإنّ البحر الملح يقف ماؤه على وجه النّيل، فيتوقّف حتى يروي البلاد.

وفي ذلك يقول:

[المجتث]

فاشفع فللشّافع (c) أعلى يدا … عندي وأسمى من يد المحسن


(a) زيادة من مروج الذهب.
(b) بولاق: الملتن.
(c) بولاق وسائر المخطوطات: فاسمع فالسامع والتصويب من حسن المحاضرة.
(١) الماوردي: الأحكام السلطانية ١٣٧.
(٢) المسعودي: مروج الذهب ٦٧: ٢.