كتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار - ت أيمن فؤاد سيد

ذكر مذاهب أهل مصر ونحلهم منذ افتتح عمرو بن العاص ﵁ أرض مصر إلى أن صاروا إلى اعتقاد مذاهب الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى وما كان من الأحداث في ذلك - مذاهب أهل مصر - ج: 4 - ص: 367

ابن يحيى بن كثير الأندلسي (١) - وكان حجّ وسمع «الموطّأ» من مالك إلاّ أبوابا، وحمل عن ابن وهب وعن ابن القاسم وغيره علما كثيرا، وعاد إلى الأندلس، فنال من الرّياسة والحرمة ما لم ينله غيره، وعادت الفتيا إليه، وانتهى السّلطان والعامّة إلى بابه - فلم يقلّد، في سائر أعمال الأندلس، قاض إلاّ بإشارته واعتنائه. فصاروا على رأي مالك، بعد ما كانوا على رأي الأوزاعي.

وقد كان مذهب الإمام مالك أدخله إلى الأندلس زياد بن عبد الرّحمن - الذي يقال له شبطون (٢) - قبل يحيى بن يحيى، وهو أوّل من أدخل مذهب مالك إلى الأندلس. وكانت إفريقيّة الغالب عليها السّنن والآثار، إلى أن قدم عبد اللّه بن فرّوج أبو محمد الفارسي، بمذهب أبي حنيفة، ثم غلب أسد بن الفرات بن سنان، قاضي إفريقيّة، بمذهب أبي حنيفة (٣).

ثم لمّا ولي سحنون بن سعيد التّنوخي (٤) قضاء إفريقيّة بعد ذلك، نشر فيهم مذهب مالك، وصار القضاء في أصحاب سحنون دولا يتصاولون على الدّنيا تصاول الفحول على الشّول. إلى

---

= الحلة السيراء ٤٣: ١ - ٥٠؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ٢٢٥: ٨ - ٢٣١، ٥٢١: ٩؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ١١٧: ١٣ - ١١٩.
(١) أبو محمد يحيى بن يحيى بن كثير بن وسلاس ابن شملال اللّيثي المصمودي الأندلسي القرطبي، المتوفى سنة ٢٣٤ هـ/ ٨٤٨ م، انظر ترجمته عند، ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس ١٧٩: ٢ - ١٨١؛ القاضي عياض: ترتيب المدارك ٥٣٤: ٢ - ٥٤٧؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ١٤٣: ٦ - ١٤٦؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ٥١٩: ٨ - ٥٢٥.
(٢) حاشية بخطّ المؤلّف: «زياد بن عبد الرّحمن بن زهير ابن ناشرة بن لوزان بن حي بن أخطب بن ربّه بن عمرو ابن الحارث بن وائل بن راشد بن جزيلة بن لخم بن عدي ابن أشرس بن شبيب بن السّكون، يعرف بشبطون، أندلسي توفي بها سنة ثلاث وتسعين ومائة. كان فقيه الأندلس على مذهب مالك، وهو أوّل من أدخل مذهب مالك الأندلس وكانوا قبله على مذهب الأوزاعي».
وانظر ترجمة شبطون عند، ابن الفرضي: تاريخ علماء الأندلس ١٥٤ - ١٥٦؛ القاضي عياض: ترتيب المدارك ٣٤٩: ٢ - ٣٥١؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ٣١١: ٩ - ٣١٢؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ١٦: ١٥ - ١٧.
(٣) حاشية بخطّ المؤلّف: «أسد بن الفرات بن سنان الفقيه أبو عبد اللّه قاضي إفريقية مولى بني سليم، صاحب الكتب في فقه مالك التي تعرف بالأسديّة. ولد سنة أربع وأربعين، ومائة ومات في ربيع الآخرة سنة ثلاث عشرة ومائتين، وهو محاصر سرقوسية من قبل زيادة اللّه بن الأغلب».
وراجع ترجمة أسد بن الفرات عند، المالكي: رياض النفوس ٢٥٤: ١ - ٢٧٣؛ القاضي عياض: ترتيب المدارك ٤٦٥: ٢؛ الدّباغ: معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان ٣: ٢ - ٢٦؛ الذهبي: سير أعلام النبلاء ٢٢٥: ١٠ - ٢٢٨؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٦: ٩؛ Marcais، G.El ٢ art.
Asad ibn al-Furat I، p. ٧٠٦; Sezgin، F.، GASI، p. ٤٦٧ (الترجمة العربية ١٤٥: ٣/ ١ - ١٤٦).
(٤) عبد السّلام بن سعيد بن حبيب التّنوخي، الملقّب -