للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السّلطان في ردّ أملاكه عليه. فعارضهم الأمير صرغتمش، ثم رضي أن يردّ عليه من أملاكه ما أنعم به السّلطان على مماليكه. فاستردّ عدّة أملاك، وأقام إلى أن قام بيبغا روس بحلب، فاختفى منجك وطلب فلم يوجد، وأطلق النّداء عليه بالقاهرة ومصر، وهدّد من أخفاه، وألزم عربان العائد باقتفاء أثره، فلم يوقف له على خبر، وكبس عليه عدّة أماكن بالقاهرة ومصر، وفتّش عليه حتى في داخل الصّهريج الذي بجامعه فأعيا أمره.

وأدرك السّلطان السّفر لحرب بيبغاروس (a)، فشرع في ذلك إلى يوم الخميس رابع شعبان، فخرج الأمير طاز بمن معه.

وفي يوم الاثنين سابعه عرض الأمير شيخو والأمير صرغتمش أطلابهما، وقد وصل الأمير طاز إلى بلبيس، فحضر إليه من أخبره أنّه رأى بعض أصحاب منجك، فسيّر إليه وأحضره وفتّشه، فوجد معه كتاب منجك إلى أخيه بيبغا روس (a)، وفيه أنّه مختف عند الحسام الصّقري (b) أستادّاره. فبعث الكتاب إلى الأمير شيخو، فوافاه والأطلاب خارجة، فاستدعى بالحسام وسأله فأنكره، فعاقبه الأمير صرغتمش فلم يعترف.

فركب إلى بيت الحسام بجوار الجامع الأزهر وهجمه، فإذا بمنجك ومعه مملوك، فكتّفه وسار به مشهورا بين النّاس - وقد هرعوا من كلّ مكان - إلى القلعة، فسجن بالإسكندرية إلى أن شفع فيه الأمير شيخو، فأفرج عنه في ربيع الأوّل سنة خمس وخمسين، ورسم أن يتوجّه إلى صفد بطّالا. فسار إليها من غير أن يعبر إلى القاهرة.

فلمّا خلع الملك الصّالح صالح، وأعيد السّلطان حسن في شوّال منها، نقل منجك من صفد، وأنعم عليه بنيابة طرابلس عوضا عن أيتمش النّاصري، فسار إليها، وأقام بها إلى أن قبض على الأمير طاز نائب حلب في سنة تسع وخمسين، فولي منجك عوضا عنه.

ولم يزل بحلب إلى أن فرّ منها في سنة ستين فلم يعرف له خبر، وعوقب بسببه خلق كثير. ثم قبض عليه بدمشق في سنة إحدى وستين، فحمل إلى مصر، وعليه بشت صوف عسلي وعلى رأسه مئزر صوف، فلم يؤاخذه السّلطان، وأعطاه إمرة طبلخاناه ببلاد الشّام، وجعله طرخاناه (١)


(a) بولاق: يلبغاروس.
(b) بولاق: الصفدي.
(١) الطّرخان. الأمير المتقاعد طوعا دون أن يكون مغضوبا عليه.