وكان محبّا للعمارة، عمّر عدّة أماكن، منها جامع قلعة الجبل وهدمه مرّتين، وعمّر القصر الأبلق بالقلعة ومعظم الأماكن التي بالقلعة، وعمّر المجرى الذي ينقل الماء عليه من بحر النّيل إلى القلعة على السّور، وعمّر الميدان تحت القلعة، ومناظر الميدان على النّيل. وعمّر قناطر السّباع على الخليج، ومناظر سرياقوس والخانقاه بسرياقوس، وحفر الخليج النّاصري بظاهر القاهرة، وعمّر الجامع الجديد على شاطئ النّيل بظاهر مصر، وجدّد جامع الفيلة الذي بالرّصد، والمدرسة النّاصريّة بين القصرين من القاهرة، وغير ذلك ممّا يرد في موضعه من هذا الكتاب.
وما زال يعمّر منذ عاد إلى ولاية الملك في المرّة الثّالثة إلى أن مات. وبلغ مصروف العمارة في كلّ يوم من أيّامه سبعة آلاف درهم فضّة: عنها ثلاث مائة وخمسون دينارا، سوى من يسخّره من المقيّدين وغيرهم في عمل ما يعمره.
وحفر عدّة من الخلجانات والتّرع، وأقام الجسور بالبلاد، حتى إنّه كان ينصرف من الأجناد (a) على ذلك ربع متحصّل الإقطاعات. وحفر خليج الإسكندرية، وبحر المحلّة مرّتين، وبحر اللّبيني بالجيزة، وعمل جسر شيبين، وعمل جسر أحباس بالشّرقيّة والقليوبية مدّة ثلاث سنين متوالية فلم ينجح، فأنشأه بنيانا بالطّوب والجير، وأنفق فيه أموالا عظيمة (١).
وراك ديار مصر وبلاد الشّام (٢).
وعرض الجيش بعد حضوره في سنة اثنتي عشرة وسبع مائة، وقطع ثمان مائة من الجند، ثم قطع مرّة أخرى ثلاثة وأربعين جنديا في سنة إحدى وعشرين (b) وسبع مائة، ثم قطع خمسة وستين أيضا في رمضان سنة إحدى وأربعين وسبع مائة قبل وفاته بشهرين.
وفتح من البلاد جزيرة أرواد في سنة اثنتين وسبع مائة، وفتح ملطيّة في سنة خمس عشرة وسبع مائة، وفتح إياس (c) في ربيع الأوّل سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة وخرّبها، ثم عمّرها الأرمن.
فأرسل إليها جيشا فأخذها، ومعها عدّة بلاد من بلاد الأرمن، في سنة سبع وثلاثين وسبع مائة، وأقام بها نائبا من أمراء حلب. وعمّر قلعة جعبر بعد أن دثرت.
(a) بولاق: الأخباز. (b) بولاق: وأربعين. (c) بولاق: أبناس. (١) انظر فيما تقدم ٥٧: ٣ *- ٦٤ *. (٢) انظر فيما تقدم ٢٣٥: ١ - ٢٤٤.