للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وألطنبغا المارديني، وبهادر النّاصري، وآق سنقر النّاصري، وقماري أمير (a) كبير، وقماري أمير شكار، وطوغاي، وأرنبغا أمير جاندار، وبرسبغا الحاجب، ويلرغي ابن العجوز أمير سلاح، وبيغرا.

وكان السّلطان أبيض اللّون، قد وخطه الشّيب، وفي عينيه حول، وبرجله اليّمنى ريح شوكة تنقض (b) عليه أحيانا وتؤلمه، وكان لا يكاد يمسّ بها الأرض، ولا يمشي إلاّ متّكئا على أحد أو متوكئا على شيء، ولا يصل إلى الأرض سوى أطراف (c) أصابعه. وكان شديد البأس، جيّد الرأي، يتولّى الأمور بنفسه، ويجود لخواصّه.

وكان مهابا عند أهل مملكته، بحيث إنّ الأمراء إذا كانوا عنده بالخدمة لا يجسر أحد أن يكلّم آخر كلمة واحدة، ولا يلتفت بعضهم إلى بعض خوفا منه. ولا يمكن واحد منهم أن يذهب إلى بيت أحد ألبتّة، لا في وليمة ولا غيرها، فإن فعل أحد منهم شيئا من ذلك قبض عليه، وأخرجه من يومه منفيّا.

وكان مسدّدا عارفا بأمور رعيّته وأحوال مملكته، وأبطل نيابة السّلطنة من ديار مصر من سنة سبع وعشرين وسبع مائة، وأبطل الوزارة (١)، وصار يتحدّث بنفسه في الجليل من الأمور والحقير، ويستجلب خاطر كلّ أحد من صغير وكبير، لا سيّما حواشيه. فلذلك عظمت حاشية المملكة وأتباع السّلطنة، وتخوّلوا في النّعم الجزيلة، حتى الخولة والكلابزية والأسرى من الأرمن والفرنج، وأعطى البازدارية الأخباز في الحلقة: فمنهم من كان إقطاعه الألف دينار في السّنة، وزوّج عدّة منهم بجواريه من التّرك (a)، وأفنى/ خلقا كثيرا من الأمراء بلغ عددهم نحو المائتي أمير.

وكان إذا كبر أحد من أمرائه، قبض عليه وسلبه نعمته، وأقام بدله صغيرا من مماليكه إلى أن يكبر، فيمسكه ويقيم غيره ليأمن بذلك شرّهم. وكان كثير التّخيّل حازما، حتى إنّه إذا تخيّل من ابنه قتله.

وفي آخر أيّامه شره في جمع المال، فصادر كثيرا من الدّواوين والولاة وغيرهم، ورمى البضائع على التّجّار حتى خاف كلّ من له مال. وكان مخادعا كثير الحيل، لا يقف عند قول، ولا يوفّي بعهد، ولا يبرّ في يمين.


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: تنغص.
(c) بولاق: إلاّ أطراف.
(١) انظر فيما تقدم ٦٩٦: ٣ - ٦٩٨، ٧٢٢ - ٧٢٣.