للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال المسبّحيّ في حوادث سنة ثلاث وأربع مائة: وأمر الحاكم بأمر اللّه بإثبات المساجد التي لا غلّة لها ولا أحد يقوم بها، وما له منها غلّة لا تقوم بما يحتاج إليه، فأثبت في عمل ورفع إلى الحاكم بأمر اللّه. فكانت عدّة المساجد على الشّرح المذكور ثمان مائة وأحد وثلاثون (a) مسجدا، ومبلغ ما تحتاج إليه من النّفقة في كلّ شهر تسعة آلاف ومائتان وعشرون درهما، على أنّ لكلّ مسجد في كلّ شهر اثني عشر درهما (١).

وقال في حوادث سنة خمس وأربع مائة: وقرئ يوم الجمعة ثامن عشرين صفر سجلّ بتحبيس عدّة ضياع - وهي إطفيح وصول وطوخ، وستّ ضياع أخر، وعدّة قياسر وغيرها - على القرّاء والفقهاء والمؤذّنين بالجوامع، وعلى المصانع والقوّام بها، ونفقة المارستانات وأرزاق المستخدمين فيها، وثمن الأكفان (٢).

وقال الشّريف محمد بن أسعد الجوّاني: كان القضاة بمصر إذا بقي لشهر رمضان ثلاثة أيّام، طافوا يوما على المساجد والمشاهد بمصر والقاهرة: يبدأون بجامع المقس، ثم القاهرة، ثم المشاهد، ثم القرافة، ثم جامع مصر، ثم مشهد الرّأس لنظر حصر ذلك وقناديله وعمارته وما تشعّث منه. وما زال الأمر على ذلك إلى أن زالت الدّولة الفاطميّة.

فلمّا استقرّت دولة بني أيّوب، أضيفت الأحباس أيضا إلى القاضي. ثم تفرّقت جهات الأحباس في الدّولة التّركيّة، وصارت إلى يومنا هذا ثلاث جهات:

الأولى تعرف ب «الأحباس»: ويلي هذه الجهة دوادار السّلطان وهو أحد الأمراء، ومعه ناظر الأحباس ولا يكون إلاّ من أعيان الرّؤساء، وبهذه الجهة ديوان فيه عدّة كتّاب ومدبّر. وأكثر ما في ديوان الأحباس «الرّزق الأحباسيّة» - وهي أراض من أعمال مصر - على المساجد والزّوايا للقيام بمصالحها، وعلى غير ذلك من جهات البرّ (٣).

وبلغت «الرّزق الأحباسيّة» (٤) في سنة أربعين وسبع مائة، عند ما حرّرها النّشو ناظر الخاصّ في


(a) بولاق: ثمان مائة وثلاثين.
(١) فيما يلي ٧٠٧.
(٢) فيما يلي ٧٠٧.
(٣) قارن، القلقشندي: صبح الأعشى ٣٨: ٤.
(٤) الرّزق الأحباسيّة، انظر عنها فيما تقدم ٧٢٦: ٣ هـ ١؛ وأضف إلى ما ذكر هناك، الجبرتي: عجائب الآثار ٢٦٤: ٢؛ والدّراسة الهامّة التي كتبها نقولا ميشيل Nicolas Michel والتي تتبّع فيها بداية ذكر «الرّزق» في العصر الأيّوبي، ثم ظهور مصطلح «الرّزق الأحباسيّة» في نهاية القرن السّابع -