للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأحباس الكثيرة، لم يكن فيها سوى الرّباع ونحوها بمصر، ولم يتعرّض إلى شيء من أراضي مصر ألبتّة. وحبس أبو بكر محمد بن علي الماذرائي (a) بركة الحبش وسيوط وغيرهما على الحرمين وعلى جهات برّ، وحبس غيره أيضا.

فلمّا قدمت الدّولة الفاطميّة من المغرب (b) إلى مصر، بطل تحبيس البلاد، وصار قاضي القضاة يتولّى أمر الأحباس من الرّباع، وإليه أمر الجوامع والمشاهد، وصار للأحباس ديوان مفرد. وأوّل ما قدم المعزّ أمر في ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وثلاث مائة بحمل مال الأحباس من المودع إلى بيت المال الذي لوجوه البرّ، وطولب أصحاب الأحباس بالشّرائط ليحملوا عليها وما يجب لهم فيها. وللنّصف من شعبان ضمن الأحباس محمد بن القاضي أبي الطّاهر محمد بن أحمد، بألف ألف وخمس مائة ألف درهم في كلّ سنة، يدفع إلى المستحقّين حقوقهم، ويحمل ما بقي إلى بيت المال (١).

وقال ابن الطّوير: «الخدمة في ديوان الأحباس» - وهي (c) أوفر الدّواوين مباشرة، ولا يخدم فيه إلاّ أعيان كتّاب المسلمين من الشّهود المعدّلين بحكم أنّها معاملة دينية - وفيها عدّة مدبّرين ينوبون عن أرباب هذه الخدم في إيجاب أرزاقهم من ديوان الرّواتب، وينتجزون (d) لهم الخروج بإطلاق أرزاقهم. ولا يوجب لأحد من هؤلاء خرج إلاّ بعد حضور ورقة التّعريف من جهة مشارف الجوامع والمساجد باستمرار خدمته ذلك الشهر جميعه، ومن تأخّر تعريفه تأخّر الإيجاب له، وإن تمادى ذلك استبدل به أو توفّر ما باسمه لمصلحة أخرى، خلا جواري المشاهد فإنّها لا توفّر، لكنّها تنقل من مقصّر إلى ملازم. وكان يطلق لكلّ مشهد خمسون درهما في الشهر برسم الماء لزوّارها، ويجري من معاملة سواقي السّبيل بالقرافة والنّفقة عليها من ارتفاعه، فلا تخلو المصانع ولا الأحواض من الماء أبدا، ولا يعترض أحد في (e) الانتفاع به. وكان فيه كاتبان ومعينان (٢).


(a) بولاق: المارداني.
(b) بولاق: الغرب.
(c) بولاق: وهو.
(d) بولاق: وينجزون.
(e) بولاق: من.
(١) راجع كذلك محمد محمد أمين: الأوقاف والحياة الاجتماعية في مصر ٤٨ - ٥٩؛ وانظر عن الأوقاف عموما Behrens-Abouseif، D.، El ٢ art.WakfX، pp. ٦٥ - ٧٦ وما ذكرت من مراجع.
(٢) ابن الطوير: نزهة المقلتين ١٠٠ - ١٠١؛ ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ١٤٩: ١/ ٤ - ١٥٠؛ القلقشندي: صبح ٤٩٠: ٣.