للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقتل عليّ بن عمر العدّاس والأستاذ ريدان الصّقلبي (a) وعدّة كثيرة من النّاس، وقلّد إمارة برقة صندل الأسود في المحرّم سنة أربع وتسعين، وصرف الحسين بن النّعمان عن القضاء في رمضان منها، وكانت مدّة نظره في القضاء خمس سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما، وإليه كانت الدّعوة أيضا، فيقال له «قاضي القضاة وداعي الدّعاة». وقلّد عبد العزيز بن محمد بن النّعمان وظيفة القضاء والدّعوة، مع ما بيده من النّظر في المظالم.

وفي سنة خمس وتسعين، أمر النّصارى واليهود بشدّ الزّنّار ولبس الغيار، ومنع النّاس من أكل الملوخيّة والجرجير والمتوكّلية والدّلينس، وذبح الأبقار السّليمة من العاهة إلاّ في أيّام الأضحية، ومنع من بيع الفقّاع وعمله ألبتّة، وألاّ يدخل أحد الحمّام إلاّ بمئزر، وألاّ تكشف امرأة وجهها في طريق ولا خلف جنازة ولا تتبرّج، ولا يباع شيء من السّمك بغير قشر، ولا يصطاده أحد من الصّيّادين وتتبّع النّاس في ذلك كلّه، وشدّد فيه، وضرب جماعة بسبب مخالفتهم ما أمروا به ونهوا عنه ممّا ذكر (١).

وخرجت العساكر لقتال بني قرّة أهل البحيرة. وكتب على أبواب المساجد وعلى الجوامع بمصر، وعلى أبواب الحوانيت والحجر والمقابر، سبّ السّلف ولعنهم، وأكره النّاس على نقش ذلك وكتابته بالأصباغ في سائر المواضع. وأقبل النّاس من سائر النّواحي فدخلوا في الدّعوة، وجعل لهم يومان في الأسبوع، وكثر الازدحام ومات فيه جماعة، ومنع النّاس من الخروج بعد المغرب في الطّرقات، وألاّ يظهر أحد بها لبيع ولا شراء. فخلت الطّرق من المارّة، وكسرت أواني الخمور، وأريقت من سائر الأماكن، واشتدّ خوف النّاس بأسرهم، وقويت الشّناعات وزاد الاضطراب. فاجتمع كثير من الكتّاب وغيرهم تحت القصر، وضجّوا يسألون العفو، فكتب عدّة أمانات لجميع الطّوائف من أهل الدّولة وغيرهم من الباعة والرّعيّة (٢). وأمر بقتل الكلاب فقتل منها ما لا ينحصر حتى فقدت (٣). وفتحت «دار الحكمة» بالقاهرة وحمل إليها الكتب (٤)، ودخل إليها النّاس. واشتدّ الطّلب على الرّكابية المستخدمين في الرّكاب، وقتل منهم كثير، ثم عفا عنهم


(a) بولاق: زيدان الصقلي.
(١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٥٣: ٢ - ٥٤.
(٢) نفسه ٥٤: ٢ - ٥٥، ٥٦.
(٣) نفسه ٥٦: ٢.
(٤) نفسه ٥٦: ٢، وفيما تقدم ٥٠٢: ٢ - ٥٠٨.