للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاكم مجلسا في اللّيل يحضر فيه عدّة من أعيان الدّولة ثم أبطله (١).

ومات جيش بن الصّمصامة في ربيع الآخر سنة تسعين وثلاث مائة، فوصل ابنه بتركته إلى القاهرة، ومعه درج بخطّ أبيه فيه وصيّة وثبت بما خلّفه مفصّلا، وأنّ ذلك جميعه لأمير المؤمنين الحاكم بأمر اللّه، لا يستحقّ أحد من أولاده منه درهما. وكان مبلغ ذلك نحو المائتي ألف دينار ما بين عين ومتاع ودوابّ، قد أوقف جميع ذلك تحت القصر. فأخذ الحاكم الدّرج ونظره، ثم أعاده إلى أولاد جيش، وخلع عليهم، وقال لهم بحضرة وجوه الدّولة: «قد وقفت على وصيّة أبيكم وما وصّى به من عين ومتاع، فخذوه هنيئا مباركا لكم فيه». فانصرفوا بجميع التّركة (٢).

وولّي دمشق فحل بن تميم ومات بعد شهور، فولي عليّ بن فلاح (٣).

وردّ النّظر في المظالم لعبد العزيز بن محمد بن النّعمان، ومنع النّاس كافّة من مخاطبة أحد أو مكاتبته بسيّدنا ومولانا إلاّ «أمير المؤمنين» وحده، وأبيح دم من خالف ذلك. وفي شوّال قتل ابن عمّار.

وفي سنة إحدى وتسعين واصل الحاكم الرّكوب في اللّيل، كلّ ليلة، فكان يشقّ الشّوارع والأزقّة. وبالغ النّاس في الوقود والزّينة، وأنفقوا الأموال الكثيرة في المآكل والمشارب والغناء واللّهو، وكثر تفرّجهم على ذلك حتى خرجوا فيه عن الحدّ، فمنع النّساء من الخروج في اللّيل، ثم منع الرّجال من الجلوس في الحوانيت.

وفي رمضان سنة/ اثنتين وتسعين، قلّد تموصلت بن بكّار دمشق عوضا عن ابن فلاح. وابتدأ في عمارة جامع راشدة في سنة ثلاث وتسعين. وقتل فهد بن إبراهيم وله منذ نظر في الرّياسة خمس سنين وتسعة أشهر واثنا عشر يوما، في ثامن جمادى الآخرة منها، وأقيم في مكانه عليّ ابن عمر العدّاس، وسار الأمير ياروخ لإمارة طبريّة. ووقع الشّروع في إتمام الجامع خارج باب الفتوح، وقطع الحاكم الرّكوب في اللّيل، ومات تموصلت فولي دمشق بعده مفلح اللّحياني الخادم.


(١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٣١: ٢.
(٢) نفسه ٣١: ٢ - ٣٣.
(٣) ابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق ٥٧، وفيه أنّ اسمه تميم بن إسماعيل المغربي القائد ويعرف بفحل؛ المقريزي: اتعاظ الحنفا ٤٥: ٢.