للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال في «شرح كتاب الأربع لبطلميوس» (١): وأمّا سائر أجزاء الرّبع الذي يميل (a) وسط جميع الأرض المسكونة أعني بلاد برقة، وسواحل البحر من مريوط إلى الإسكندرية ورشيد ودمياط وتنّيس والفرما، وأسفل الأرض بمصر، ونواحي مدينة منف ومدينة الفسطاط، وما يلي شرقي النّيل من صعيد مصر والفيّوم إلى أعلى الصّعيد ممّا في غرب النّيل، وأرض الواحات وأرض النّوبة والبجة، والأرض التي على البحر في شرقي بلاد النّوبة والحبشة فإنّ هذه البلاد موضوعة في الزاوية التي تؤثّر في جميع الرّبع الموضوع فيما بين الدّبّور والجنوب. وهي من جملة النّصف الغربي من الرّبع المعمور، والكواكب الخمسة المتحيّرة تشترك في تدبيرها. فصار أهلها محبين للّه، ويعظّمون الجنّ، ويحبّون النّوح، ويدفنون موتاهم في الأرض ويخفونهم، ويستعملون سننا مختلفة وعادات وآراء شتّى لميلهم إلى الأسرار التي تدعو كلّ طائفة منهم إلى أمر من الأمور الخفيّة فيعتقده ويوافقه عليه (b) جماعة.

ومن أجل هذه الأسرار، كان المستخرج للعلوم الدقيقة كالهندسة والنّجوم وغيرها في الزّمان الأوّل، أهل مصر ومنهم تفرّقت في العالم. وإذا ساسهم غيرهم كانوا أذلاّء، والغالب عليهم الجبن والاستحذاء في الكلام. وإذا ساسوا غيرهم كانت أنفسهم طيّبة وهممهم كثيرة.

ورجالهم يتّخذون نساء كثيرة، وكذلك نساؤهم يتّخذن عدّة رجال، وهم منهمكون في الجماع، ورجالهم كثيرو النّسل، ونساؤهم سريعات الحمل، وكثير من ذكرانهم تكون أنفسهم ضعيفة مؤنّثة.

قال أبو الصّلت: وأمّا سكّان أرض مصر فأخلاط من النّاس مختلفو الأصناف والأجناس، من قبط وروم وعرب وأكراد وديلم وحبشان [وأرمن] (c) وغير ذلك من الأصناف، إلاّ أنّ جمهورهم قبط. قالوا: والسّبب في اختلاطهم تداول المالكين لها والمتغلّبين عليها، من العمالقة واليونانيين والرّوم وغيرهم، فلهذا اختلطت أنسابهم، واقتصروا من التّعريف بأنفسهم على الإشارة إلى مواضعهم والانتماء إلى مساقطهم فيها.


(a) بولاق: يميل إلى.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) زيادة من الرسالة المصرية.
(١) هو شرح على كتاب Quadripartitum de، Ptolemee أو «المقالات الأربع لبطلميوس» الذي وصل إلينا في ترجمة لاتينية نشرت في البندقية ضمن أوائل المطبوعات العربية ثم نشرت بعد ذلك أكثر من مرة. Schacht، J.، El ٢? art.). (Ibn Ridwa? n III، p. ٩٣١