للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عشر من صفر، وصلّي عليه خلف المقصورة، وكبّر عليه خمسا. ولم يعلم أحد قبله صلّي عليه في الجامع (١).

وذكر عمر بن شبّة في «تاريخ المدينة» أنّ أوّل من عمل مقصورة بلبن عثمان بن عفّان وكانت فيها كوي تنظر النّاس منها إلى الإمام، وأنّ عمر بن عبد العزيز عملها بالسّاج.

قال القضاعيّ: ولم تكن الجمعة تقام في زمن عمرو بن العاص بشيء من أرض مصر إلاّ في هذا الجامع، قال أبو سعيد عبد الرّحمن بن يونس: جاء نفر من غافق (a) إلى عمرو بن العاص، فقالوا: إنّا نكون في الرّيف فنجمع في العيدين الفطر والأضحى، ويؤمّنا رجل منّا؟ قال: نعم.

قالوا: فالجمعة؟ قال: لا، ولا يصلّي الجمعة بالنّاس إلاّ من أقام الحدود، وأخذ بالذّنوب، وأعطى الحقوق (٢).

وأوّل من زاد في هذا الجامع مسلمة بن مخلد الأنصاري سنة ثلاث وخمسين، وهو يومئذ أمير مصر من قبل معاوية (٣). قال الكنديّ في كتاب «أخبار مسجد أهل الرّاية»: ولمّا ضاق المسجد بأهله، شكي ذلك إلى مسلمة بن مخلد - وهو الأمير يومئذ - فكتب فيه إلى معاوية بن أبي سفيان، فكتب إليه يأمره بالزّيادة فيه. فزاد فيه من شرقيه ممّا يلي دار عمرو بن العاص، وزاد فيه من بحريه، ولم يحدث فيه حدثا من القبلي ولا من الغربي،/ وذلك في سنة ثلاث وخمسين، وجعل له رحبة في البحري منه كان النّاس يصيّفون فيها، ولاطه بالنّورة، وزخرف جدرانه وسقوفه - ولم يكن المسجد الذي لعمرو جعل فيه نورة ولا زخرف - وأمر بابتناء منار المسجد الذي في الفسطاط، وأمر أن يؤذّنوا في وقت واحد، وأمر مؤذّني الجامع أن يؤذّنوا للفجر إذا مضى نصف الليل، فإذا فرغوا من أذانهم أذّن كلّ مؤذّن في الفسطاط في وقت واحد، قال ابن لهيعة:

فكان لأذانهم دويّ شديد.


(a) بولاق: بحانق.
(١) ابن دقماق: الانتصار ٦٣: ٤؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٦٨: ١؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٣٨: ٣.
(٢) ابن يونس: تاريخ ابن يونس المصري (تاريخ المصريين) ٣٧٥؛ السيوطي: حسن المحاضرة ٢٣٨: ٢.
(٣) ابن دقماق: الانتصار ٦٢: ٤؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٦٨: ١، وانظر كذلك، ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٣١.