للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قراسنقر، فاختطّ تربته التي تجاور اليوم تربة الصّوفيّة وبنى حوض ماء للسّبيل وجعل فوقه مسجدا … ثم عمّر بعده نظام الدّين آدم أخو الأمير سيف الدّين سلار تجاه تربة قراسنقر مدفنا وحوض ماء للسّبيل ومسجدا معلّقا. وتتابع الأمراء والأجناد وسكّان الحسينيّة في عمارة التّرب هناك حتى انسدّت طريق الميدان وعمّروا بجوانبه أيضا. وأخذ صوفيّة الخانقاه الصّلاحيّة سعيد السّعداء قطعة كبيرة قدر فدّانين وأداروا عليها سورا من حجر وجعلوها مقبرة لمن يموت منهم فسمّيت «تربة الصّوفيّة»، وهي باقيّة إلى يومنا هذا وقد وسّعوا فيها بعد سنة تسعين وسبع مائة بقطعة من تربة قراسنقر.

وعمّر أيضا بجوار تربة الصّوفيّة الأمير مسعود بن خطير تربة وعمّر أيضا مجد الدّين السّلامي تربة وعمّر الأمير سيف الدّين كوكاي تربة مقابل تربة الصّوفيّة، وعمّر الأمير طاجار الدّوادار على رأس المطبق مقابل تربة النّصر تربة، وعمّر الأمير سيف الدّين طشتمر السّاقي على الطّريق تربة، وبنى الأمراء إلى جانبه عدّة ترب، وبنى الطّواشي محسن البهائي تربة عظيمة، وبنت خوند طغاي تربة تجاه تربة طشتمر السّاقي وجعلت لها وقفا. وبنى الأمير سيف الدّين طغاي تمر النّجمي الدّوادار تربة وجعلها خانكاه وأنشأ بجوارها حمّاما وحوانيت وأسكنها للصّوفيّة والقرّاء.

وبنى الأمير منكلي بغا الفخري تربة والأمير طشتمر طللية تربة، والأمير أرنان تربة. وبنى كثير من الأمراء وغيرهم التّرب حتى اتّصلت العمارة من ميدان القبق إلى تربة الرّوضة خارج باب البرقيّة، وعمّرت بميدان القبق أيضا عدّة ترب. فما مات الملك النّاصر محمد بن قلاوون حتى بطل من الميدان السّباق بالخيل ومنعت طريقه من كثرة العمائر» (فيما يلي ٩١٩ - ٩٢٠).

يتّضح من هذا العرض أنّ أكثر هذه التّرب التي أنشئت في عهد النّاصر محمد بن قلاوون وأبنائه أقيمت في الصّحراء المواجهة لباب البرقيّة؛ أمّا المنطقة الواقعة إلى الشّمال منها حيث كانت توجد عواميد السّباق التي أدرك المقريزي عدّة منها منصوبة هناك بعد سنة ٧٨٠ هـ/ ٧٧٨ هـ (فيما تقدم ٣٦٧: ٣ وفيما يلي ٧٩٠، ٩٢٠). فكان أوّل ما عمّر فيها تربة الأمير يونس الدّوادار - الواقعة الآن بحري خانكاه فرج بن برقوق - ثم تربة الأمير قجماس ابن عمّ الملك الظّاهر برقوق (فيما يلي ٩٢٠).

كانت تربة يونس الدّودار هي بداية علاقة السّلطان الظّاهر برقوق بهذه المنطقة، لأنّه لمّا توفي والده سنة ٧٨٣ هـ/ ١٣٨١ م - وكان برقوق وقتئذ مازال أميرا - دفن في تربة يونس الدّوادار، وكتب عليها: «لمّا كان بتاريخ يوم السبت ثامن عشر شوّال سنة ثلاث وثمانين وسبع مائة توفي