للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بنيت إلى وقته، وأنّها «مبنيّة بالحجر وكلّها عقود محكمة بدل السّقوف الخشب وأنّه سمع غير واحد يقول إنّه لم تبن خانكاه أحسن من بنائها» (فيما يلي ٧٤٠). وفتح بيبرس الجاشنكير ببناء هذه الخانكاه في قلب القاهرة الفاطمية، الباب أمام الاندماج الكامل لمؤسّسة «الخانكاه» في المجتمع المملوكي وأكّد الأهميّة التاريخية لخانكاهه على الدّوام.

واشتمل هذا المجمّع البنائي على: خانكاه للصّوفية، ومسكن، ورباط وقبّة بها محراب وضريح برسم دفن الواقف؛ وأضاف المقريزي: أنّه لمّا كمل بناؤه سنة ٧٠٩ هـ/ ١٣٠٩ م «قرّر بالخانكاه أربع مائة صوفي، وبالرّباط مائة من الجند وأبناء النّاس الذين قعد بهم الوقت، وجعل بها مطبخا يفرّق على كلّ منهم في كلّ يوم اللّحم والطّعام وثلاثة أرغفة من خبز البرّ وجعل لهم الحلوى، ورتّب بالقبّة درسا للحديث النّبوي له مدرّس وعنده عدّة من المحدّثين، ورتّب القرّاء بالشّبّاك الكبير يتناوبون القراءة فيه ليلا ونهارا، ووقف عليها عدّة ضياع بدمشق وحماه ومنية المخلّص بالجيزة وبالصّعيد والوجه البحري والرّبع والقيساريّة بالقاهرة (فيما يلي ٧٣٤).

وعلى عكس خانكاه بيبرس، فإنّ خانكاه شيخو العمري - التي أنشأها الأمير شيخو سنة ٧٥٦ هـ/ ١٣٥٥ م بخطّ سويقة منعم جنوب القاهرة تجاه جامعه (فيما يلي ٧٦٠ - ٧٦٤) - ذات تخطيط لا نظير له في عمارة المدارس أو الخوانك، حيث تتكوّن من إيوان واحد عريض هو إيوان القبلة وتحتلّ خلاوي الصّوفية جانبين متقابلين في الصّحن، أمّا الجانب الرّابع المواجه لإيوان القبلة فعبارة عن جدار ذي إيوان صغير يقع بين مجموعة من الغرف غير المنتظمة وذلك بسبب تصميم الدّور الأرضي شبه المثلّث في هذه الجهة من الصّحن لالتزام الجدار الخارجي بخطّ تنظيم الطّريق.

وإلى جانب الخلاوي المشرفة على الصّحن توجد مجموعة أخرى من الخلاوي تطلّ على الدّهاليز الدّاخلية (١).

وعلى ذلك فإنّ التّخطيط المتعامد للمدرسة - المشتمل على إيوانات - الذي لا يترك أيّ فراغ داخلي لتطلّ منه الخلاوي على الصّحن، لم يتّبع في عمارة الخوانك التي رأت ضرورة إشراف الخلاوي على الصّحن الدّاخلي للخانقاه (٢).


(١) Behrens-Abouseif، D.، «Change in Function and Form of Mamluk Religious Institutions»، An.Isl.XXI (١٩٨٥)، p. ٨٠.L ٢
(٢) Ibid.، p. ٨١