بطركهم وكنيستهم المستقلّة، حتى بلغ الأمر مداه مع تولّي بهرام الأرمنيّ النّصراني رتبة الوزارة للخليفة الحافظ لدين اللّه سنة ٥٢٩ هـ/ ١١٣٥ م (١).
***
عند ما ترجم ابن خلّكان للحافظ السّلفي ذكر وجود المدرسة التي أنشأها ابن السّلار بالإسكندرية والتي كان السّلفي مدرّسها الوحيد عشرين عاما قبل أن يصبح صلاح الدّين وزيرا للفاطميين (٢)؛ ولكنه عندما ترجم لصلاح الدّين ذكر أنّه لم تكن في مصر مدارس قبله (٣)، وقد أخذ بهذا الرأي أيضا المقريزي (٤)، وهي ملاحظة غير صحيحة كما رأينا. ولكنّنا نستطيع القول بأنّ «المدرسة» كمؤسّسة سنّيّة رسمية لم تعرف على مستوي واسع في مصر إلاّ بعد تولّي صلاح الدّين الوزارة للعاضد آخر خلفاء الفاطميين. فقد هدم صلاح الدّين، في عام ٥٦٦ هـ/ ١١٧١ م، دار المعونة بمصر وعمّرها مدرسة للشّافعية، يقول المقريزي:«وهي أوّل مدرسة عمّرت بمصر لإلقاء العلم»(فيما يلي ٤٥٤)، كما حوّل دار الغزل بجوار جامع عمرو «مدرسة للمالكية»، عرفت فيما بعد ب «المدرسة القمحيّة»(فيما يلي ٤٥٥)، كذلك اشترى ابن عمّه الملك المظفّر تقيّ الدّين عمر ابن شاهنشاه بن أيّوب «منازل العزّ» بالفسطاط وجعلها مدرسة للشّافعية، وقف عليها عدّة أوقاف وعرفت ب «المدرسة التّقويّة»(فيما يلي ٤٥٧).
وتعبّر الكتابة التاريخية التي كانت توجد بالمدرسة المجاورة لضريح الإمام الشّافعي، ونقلت الآن إلى متحف الفنّ الإسلامي بالقاهرة برقم ١١٨، بوضوح عن ردّ الفعل الأيّوبي السّنّي الذي كان وراء إنشاء المدارس في مصر، يقول نصّ الكتابة:
«بنيت هذه المدرسة باستدعاء الشيخ الفقيه الإمام [كلمة ساقطة] الزّاهد نجم الدّين ركن الإسلام قدوة الأنام مفتي الفرق أبو الب [ركات بن] الموفّق الخبوشاني - أدام اللّه توفيقه - لفقهاء أصحاب الشّا [فعي]- رضوان اللّه عليه
(١) أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٥٩٠ - ٥٩١. (٢) ابن خلكان: وفيات الأعيان ١٠٥: ١. (٣) نفسه ٢٠٦: ٧، وقارن أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٥٤: ٦ - ٥٥. (٤) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٣١٩: ٣.