حلقات العلم في جامع عمرو في أواسط القرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي «بضعا وأربعين حلقة لإقراء العلم لا تكاد تبرح منه»(فيما يلي ٣٦).
أمّا «الخان» فقد استخدم في العصور الإسلامية في الأساس، كمكان لاستضافة التّجّار والأجانب وإيوائهم داخل المدن وعلى الطّرق والمفاوز (١)، وإضافة إلى ذلك فقد استخدم «الخان» كذلك كمكان تقيم فيه طلبة العلم الغرباء عن المدينة والمتردّدين على دروس الفقه وغيره من العلوم بمساجدها الجامعة. وأوّل إشارة نصادفها في المصادر، إلى هذه النّوعيّة من الخانات تعود إلى النّصف الأوّل من القرن الرّابع الهجري/ العاشر الميلادي، عند ما أنشأ أبو محمد دعلج ابن أحمد بن دعلج السّجزي، المتوفى سنة ٣٥١ هـ/ ٩٦٢ م، «خانا» بسويقة غالب عند قبر ابن سريج ببغداد ووقفه على أصحاب الشّافعي (٢)؛ فقد بدئ منذ هذه الفترة بإلحاق «خانات» بالمساجد الجامعة أو بالقرب منها معدّة لسكنى طالبي العلم الغرباء عن المدينة. والأنموذج الواضح لهذا الشّكل هو السّلسلة الواسعة من مجموعة «المسجد الخان» التي أقامها، في الجيل والدّيلم وهمذان ودينور وبروجرد ونهاوند وأسد آباد، ناصر الدّولة أبو النّجم بدر بن حسنويه بن الحسين الكردي، المتوفى سنة ٤٠٥ هـ/ ١٠١٤ م، والذي تولّى العديد من الولايات الشّرقيّة للبويهيين، فقد» استحدث - هذا الوالي - في أعماله ثلاثة آلاف مسجد وخان للغرباء» (٣). ويشير ابن الجوزي كذلك إلى أنّه في أثناء الفتنة التي نشبت، سنة ٤٤٣ هـ/ ١٠٥١ م، بين السّنّة والشّيعة صار أهل الكرخ إلى «خان» الفقهاء الحنفيين بقطيعة الرّبيع فأخذوا ما وجدوا وأحرقوا الخان وكبسوا دور الفقهاء (٤).
ويشير نصّ ثالث لابن الجوزي إلى طبيعة هذه الخانات وطبيعة التّدريس بها، وذلك بمناسبة قصد أبي عليّ الحسن بن إبراهيم بن عليّ بن برهون الفارقي، المتوفى سنة ٥٢٨ هـ/ ١١٣٤ م،
(١) استخدم «الخان» الواقع على الطّرق كمكان للمبيت في المراحل المختلفة للسّفر، بينما خصّصت الخانات الموجودة داخل المدن كمخزن للبضائع ومكان لإجراء المعاملات التجارية وللإقامة المحدودة. ولم يدلّ مصطلح «خان» على الفندق أو مخزن البضائع في الشّرق الأدنى إلاّ ابتداء من العصر المملوكي ثم ذاع استخدامه بهذا المعنى في العصر العثماني. Elisseeff،) (N.El ٢ art.Khan IV، pp. ١٠٤٣ - ٤٩ L ٢ (٢) الهمداني: تكملة تاريخ الطبري، تحقيق ألبير يوسف كنعان، بيروت ١٩٦١، ١٨٢؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ١٧: ١٤. (٣) ابن الجوزي: المنتظم ٢٧٢: ٧. (٤) نفسه ١٥: ٨.