للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بجميع العناصر التّخطيطية للمسجد، ويمكن أن نضيف إلى هذه المشاهد المسجد الذي شيّده بدر الجمالي فوق جبل المقطّم، وهو أوّل مسجد يحمل في نصّه التّأسيسي كلمة «مشهد» (فيما يلي ٨٨١). وسيشهد نمط القبّة الضّريحية تطوّرا كبيرا في نهاية العصر الأيّوبي وفي العصر المملوكي مع إنشاء المدارس (١).

***

وبما أنّ الأيّوبيين - الذين خلفوا الفاطميين - كانوا شافعييّ المذهب، فإنّهم كانوا يرون امتناع إقامة خطبتين للجمعة في بلد (مدينة) واحد، فأفتى القاضي صدر الدّين عبد الملك بن درباس الماراني، قاضي القضاة الشّافعي، بإبطال الخطبة من الجامع الأزهر - رمز الدّعوة الإسماعيلية - وإقرارها بالجامع الحاكمي من أجل أنّه أوسع (فيما يلي ١٠٣). وعلى ذلك فإنّه من الطّبيعي أن لا يستجدّ الأيّوبيّون مساجد جامعة بالقاهرة، ولكنّهم أدخلوا إلى مصر نمطا آخر من المؤسّسات الدّينية هو «المدرسة» التي بلغ عدد ما أنشئ منها بالقاهرة والفسطاط في العصر الأيّوبي اثنتين وعشرين مدرسة (٢). وإن كان صاحب كتاب «تاريخ بطاركة كنيسة الإسكندرية» قد ذكر أنّ السّلطان الصّالح نجم الدّين أيّوب - آخر سلاطين الأيّوبيين بمصر - «أخرج مالا جزيلا وسلّمه للفقيه بهاء الدّين بن الجمّيزي برسم مرمّة المساجد التي بالقاهرة ومصر المحروستين وما بينهما، واهتمّ بها وعمّرت أحسن عمارة وبيّضت ونقش على أبوابها اسم المولى السّلطان الملك الصّالح أيّوب وتاريخ تجديدها وعمارتها، وهو سنة ثمان وثلاثين وستّ مائة» (٣).

وكان أوّل مسجد جامع يبنى في القاهرة منذ سقوط الفاطميين، سنة ٥٦٧ هـ/ ١١٧٢ م، هو «جامع الظّاهر بيبرس» بالحسينيّة خارج باب الفتوح سنة ٦٦٥ هـ/ ١٢٦٦ م. ومرّة أخرى نجد أنّ تخطيط هذا الجامع - الذي يعدّ من أكبر جوامع القاهرة مساحة لأنّه شيّد في منطقة خالية لم يسبق إعمارها خارج أسوار المدينة الشمالية - يماثل تخطيط «جامع الحاكم»، مع مدخله


(١) انظر فيما يلي ٦٠ *. ودراسة محمد حمزة الحدّاد: القباب في العمارة المصرية الإسلامية - القبّة المدفن حتى نهاية العصر المملوكي، القاهرة ١٩٩٣.
(٢) انظر فيما يلي ٤٥٤ - ٥٠٣.
(٣) ساويرس بن المقفع: تاريخ البطاركة ٤/ ١٠٨: ٢.