لها في كلّ شهر من بيت المال تسعة آلاف ومائتين وعشرين درهما، على أنّ لكلّ مسجد في كلّ شهر اثني عشر درهما» (فيما يلي ١٧٥، ٧٠٧). وذكر القضاعي أنّه كان بمصر الفسطاط من المساجد ستة وثلاثون ألف مسجد (فيما يلي ٧٠٧) وهو رقم غير واقعي - رغم أنّه تكرّر عند ياقوت الحموي والشّريف الجوّاني وابن دقماق (١) - ويبدو أنّه سقط منه حرف «واو» قبل ألف، أي أنّ صوابه ١٠٣٦ مسجدا (؟) وأضاف المقريزي أنّ ابن المتوّج ذكر أنّ عدّة المساجد بمصر في زمنه - أي في النّصف الأوّل للقرن الثامن الهجري/ الرابع عشر الميلادي (٢) - أربع مائة وثمانون مسجدا ذكرها (فيما يلي ٧٠٧)؛ بينما لم يذكر المقريزي في الفصل الذي عقده لذكر المساجد سوى اثنين وعشرين مسجدا فقط (فيما يلي ٧٠٦ - ٧٢٣).
وقد لفت ضخامة عدد مساجد الصّلوات الخمس في المدن الإسلامية المختلفة انتباه العديد من المؤرّخين والرّحّالة، فاليعقوبي، في نهاية القرن الثالث الهجري/ التاسع الميلادي، يذكر أنّه كان ببغداد وحدها ثلاثون ألف مسجد (٣)(؟) كما يذكر الرّحّالة الأندلسي ابن جبير الذي زار الإسكندرية في زمن صلاح الدّين، أنّها أكثر بلاد اللّه مساجد وقدّر ما بها من المساجد بين اثني عشر ألف مسجد وثمانية آلاف مسجد (٤)، وهو أيضا رقم مبالغ فيه؛ ولكن كثرة عدد هذه المساجد كان ظاهرة واضحة حتى قال عنها القلقشندي إنّها:«أكثر من أن تحصى وأعزّ من أن تستقصى»(٥).
ويدلّ هذا على أنّه في القرون الإسلامية الأولى كانت جميع الصّلوات تؤدّى في المساجد، وأنّ كلّ حارة أو خطّة كان لها مسجدها الخاصّ الذي يجتمع فيه أهل الحارة أو الخطّة لصلاة الصّلوات الخمس جماعة.
وعرفت مصر في العصر الفاطمي نوعا آخر من المنشآت الدّينية هو «المسجد ذو الضّريح» أو «المشاهد»، وهي مشاهد أقيمت لإحياء ذكرى آل البيت، ويقع أغلبها في المنطقة المعروفة ب «المشاهد» بين القاهرة والفسطاط. وعادة ما يحتفظ المشهد، أو المسجد المستخدم ضريحا،
(١) ياقوت: معجم البلدان ٢٦٦: ٤؛ ابن دقماق: الانتصار ٩٢: ٤. (٢) هي التي ذكرها ابن دقماق في الانتصار ٧٩: ٤ - ٩٢. (٣) اليعقوبي: البلدان ٢٥٠. (٤) ابن جبير: الرحلة ١٧. (٥) القلقشندي: صبح الأعشى ٣٦٥: ٣.